دولية

الأزمات تشعل غضب عمال إيران.. والريال يواصل رحلة الهبوط

طهران ــ وكالات

شهدت مناطق متفرقة من إيران احتجاجات فئوية وعمالية في ظل تردي الأوضاع المعيشية، وتدهور الاقتصاد المحلي إلى أدنى مؤشراته وسط حالة من الكساد تعم أسواق الذهب والسيارات وغيرها، دون تدخل حكومي ناجز للحد من تلك المصاعب.

وأفاد نشطاء إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي أن عدداً من سائقي الشاحنات قد دخلوا إضراباً جزئياً عن العمل منذ السبت، في محافظات مختلفة من بينها “مشهد”، بؤرة الاحتجاجات الشعبية في يناير والأحواز، ويزد، وكذلك أصفهان؛ اعتراضاً على تدني المداخيل الشهرية، وتزايد أعباء النفقات والرسوم الحكومية المفروضة عليهم.

واعتبر النشطاء، بحسب موقع “راديو زمانه” الناطق بالفارسية، أن الإضراب الجديد يعد الموجة الثانية لاحتجاجات سائقي الشاحنات التي أدت إلى شلل أغلب الطرقات الرئيسية الرابطة بين أقاليم البلاد في مايو الماضي، وسط عجز نظام الملالي عن الحد من اتساع رقعتها التي شملت 279 مدينة كبرى لعدة أسابيع، في الوقت الذي تجددت اعتراضات السائقين بسبب التجاهل الحكومي لوعود سابقة بحل مشكلاتهم العالقة.

وتفجرت موجات من الغضب الشعبي على مدار الأشهر الأخيرة في إيران، حيث احتج عمال ومعملون وطلاب ومتقاعدون ضد التدهور الاقتصادي، والمغامرات العسكرية بالخارج.
وتضامنت منظمات حقوقية ونقابية دولية مع مطالب المحتجين الإيرانيين؛ فيما نددت بعنف السلطات الأمنية والقضائية مع المتظاهرين.

وفي السياق ذاته، شهد إقليم الأحواز الذي تقطنه أغلبية عربية جنوب إيران تواصل احتجاجات عمالية حاشدة داخل إحدى مصانع الفولاذ؛ اعتراضاً على تأخر دفع الرواتب والاستحقاقات الوظيفية لعدة أشهر، في الوقت الذي استمر إضراب مئات العمال داخل مجمع صناعي لإنتاج السكر في خوزستان جنوبي غرب البلاد.

وأورد “راديو زمانه”، أن عمال المجموعة الوطنية الإيرانية لصناعة الصلب في الأحواز نظموا مسيرات احتجاج أمام مبني محافظة خوزستان؛ بسبب تأخر رواتبهم لـ 5 أشهر، وهو الأمر الذي بات معتاداً في إيران بسبب أزمات الاقتصاد وخاصة بعد تهاوي قيمة العملة المحلية “الريال”.
وندد المحتجون بسياسات حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، بسبب تجاهل مطالب العمال في تلك المجموعة الصناعية التي تُعد الأولى من حيث التأسيس في إقليم الأحواز، مطلع حقبة الستينيات بهدف تصنيع حديد لأغراض البناء وتضم الآف العمال، الذين ضجوا من الفساد والتدهور بها، بعد بيعها للقطاع الخاص عام 2009.

وشنت السلطات الإيرانية في الآونة الأخيرة حملة اعتقالات طالت العديد من النشطاء العماليين على خلفية اندلاع احتجاجات مماثلة، في الوقت الذي تسربت فيه أنباء عن وجود تهديدات من الاستخبارات الإيرانية للمحتجين بالتنكيل والقمع حال مواصلة الإضرابات والتظاهرات؛ فيما تدخلت عناصر أمنية تابعة لمليشيات موالية للمرشد الإيراني علي خامنئي لتشتيت ومهاجمة الاحتجاجات الفئوية والعمالية بالقوة.

وفى سياق متصل واصلت العملة الإيرانية تدهورها أمام الدولار، رغم الإطاحة بوزير الاقتصاد والمالية “مسعود كرباسيان” والذي اتهم بالعجز عن إدارة الاقتصاد في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها إيران.
وزاد سعر الدولار أمام العملة المحلية الإيرانية، بحسب موقع “بونابست” المتخصص برصد سوق الصرف الاجنبي، بعد أن سجلت العملة الخضراء 10570 تومان إيراني “التومان يساوي 10 ريالات إيرانية”، في الوقت الذي توقفت حركة البيع والشراء بالصرافات الرسمية والبنوك أمام المتعاملين الراغبين في تدبير احتياجاتهم من العملة الصعبة التي باتت أزمة متفاقمة في طهران مؤخرا.

وفقدت العملة الإيرانية نصف قيمتها منذ أبريل الماضي، نظرا لضعف الاقتصاد والصعوبات المالية في البنوك المحلية، والطلب المكثف على الدولار بين الإيرانيين، الذين يخشون من أثر العقوبات الأمريكية التي تعد الأقسى تاريخيا على نظام الملالي.

وعزل البرلمان “كرباسيان” عقب تسليم طلب استجواب بتوقيع 33 نائباً، يتهم الوزير الإيرانية بالعجز عن إدارة ملفات الاقتصاد في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعانيها طهران مؤخرا، وسط احتجاج شعبي عارم على تردي الأوضاع المعيشية وصعوبة تدبير القوت اليومي.

وخسر كرباسيان تصويت الثقة الذي تم بثه مباشرة عبر الإذاعة الرسمية بـ137 صوتا مقابل 121 وامتنع نائبان عن التصويت، ما يجعله ثاني وزير في حكومة الرئيس حسن روحاني يتم عزله هذا الشهر بعد علي ربيعي وزير العمل والرفاه الاجتماعي، وأيضا إقالة محافظ البنك المركزي ولي الله سيف.

وفي السياق ذاته، اعترف “رسول خضري” عضو اللجنة الاجتماعية في البرلمان الإيراني، أن قرابة 50% من الإيرانيين باتوا يعيشون أسفل خط الفقر، لافتا إلى أن نسبة الأشخاص الذين يحيون عند حدود الفقر أو أدنى من ذلك قد تضاعفت 4 مرات طوال سنوات حكم الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني؛ فيما كشف “أنوشيروان محسني بندبي”، رئيس منظمة الرفاه الإيرانية عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر في المناطق الريفية إلى 76%، وفق وسائل إعلام إيرانية رسمية.

وتسود توقعات في الأوساط الاقتصادية الإيرانية، بحسب شبكة “إيران واير” الناطقة بالفارسية، أن تواصل الأسعار في الأسواق الصعود بنسبة تتراوح بين 50 إلى 60%، في الوقت الذي بات الاقتصاد الإيراني المحلي على أعتاب موجة تضخم سلعية ستشمل أسعار كل البضائع بما فيها الاستهلاكية المصنعة محليا.

وأشارت “إيران واير” إلى أن السياسات الحكومية الخاطئة في القطاع المالي والعجز عن مكافحة الفساد أدت إلى تداعيات سلبية في سوق العملات الأجنبية، وانهيار قيمة المحلية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، الأمر الذي أدى إلى تناقص القدرة الشرائية لدى المستهلكين في ظل صعوبة دفع الرواتب الشهرية للموظفين وحتى المتقاعدين لعدة أشهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *