جدة – البلاد
انطلاقة جديدة طموحة للاقتصاد السعودي بدأت مع اعتماد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ، لخطة تنفيذ برنامج التخصيص؛ كأحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وقد طرح البرنامج وثيقته الخاصة بذلك، من حيث الركائز الأساسية ومؤشراته . كما وضعت الوثيقة تقييما دقيقا وشاملا للواقع والتحديات الراهنة ، والجهود المتعلقة بمبادرات التخصيص التي سيعتمد عليها برنامج التخصيص ، حيث يرتكز على ثلاث ركائز أساسية.
– أولى هذه الركائز: إرساء الأسس القانونية والتنظيمية، وتشمل: تطوير الأطر التشريعية العامة للتخصيص، ويتضمن تمكيــن عمليــات التخصيــص لوضــع إجــراءات واضحــة ومحــددة، تعمــل علــى رفــع مســتوى مضاميــن التحضيــر لعمليــات التخصيــص، وتنفيذهــا، كمـا سـيقوم هـذا الجانـب بوضـع إجـراءات موحـدة ومحـددة لعمليـة طـرح مشــروعات التخصيــص، وهــذا ســيرفع مــن مســتوى حوكمــة العمليــات.
كما تشمل تطوير الأطر التشريعية في القطاعات المستهدفة بالتخصيص ، ويعني إجـراء مراجعـة عامـة، وشـاملة لكامـل البيئـة التنظيميـة فـي ذلــك القطــاع، ومــن ثــم تحديــد مواطــن التطويــر التــي تتوافــق مــع دور الحكومــة المســتقبلي كمنظــم، ودور القطــاع الخــاص كمشــغل.
2- أما الركيزة الثانية، فتتمثل في إرساء الأسس المؤسساتية: وتستهدف الإسهام فـي وجـود كيانـات قـادرة على تنفيـذ التخصيـص بالطريقـة والآلية التــي تحفــظ مصالــح الحكومــة، وتضمــن عدالــة العمليــة للمشــاركين مــن القطاع الخاص.
3- ثالث الركائز : توجيه مبادرات البرنامج الرئيسة ، ومن خلال ذلك يعمل برنامج الخصخصة على توجيـه ومتابعـة مبادراته الرئيسـة نجـاح لتنفيذها للمبـادرات فـي الأوقات المحـددة لهـا. مع الإشـارة إلـى أن هنـاك أكثر مــن 100 مبــادرة للتخصيــص يدعمهــا المركــز الوطنــي للتخصيــص ويركــز برنامـج التخصيـص علـى 23 مبـادرة لأهميتهـا فـي سـياق مشـروع التحـول الشــامل للمملكــة العربيــة الســعودية.
وتجــدر الإشــارة إلــى أن اللجــان الإشـرافية للتخصيـص سـتقوم بتطويـر اسـتراتيجية تخصيـص القطـاع، بمـا يتماشـى مـع سياسـات المركـز الوطنـي للتخصيـص، وبالنسـبة لـكل مبـادرة مـن المبـادرات، سـيتم وضـع تفاصيـل دراسـة الجـدوى ومنهجيـة التخصيـص حالمـا تدخـل اللجـان الإشـرافية للتخصيـص.
* مجالات التخصيص
يؤكد خبراء الاقتصاد، أن برنامج التخصيص يستهدف بشكل مباشر زيادة مشاركة القطاع الخاص بالأنشطة والمشاريع العامة للدولة، بما ينعكس على المواطن بفوائد عدة، تنشأ عن 100 مبادرة تخصيص محتملة في أكثر من 10 قطاعات، ضمن مستهدفات رؤية المملكة. وسيشمل البرنامج الذي اعتمده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، قطاعات مؤثرة، منها الموانئ والتعليم والصحة، إضافة للطاقة والصناعة والثروة المعدنية، إلى جانب البيئة والمياه والزراعة، ثم الاتصالات وتقنية المعلومات والعمل والتنمية الاجتماعية والرياضة، والتي سيوجد تخصيصها بطرق متعددة فوائد مهمة للمواطن أبرزها:
– تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمستثمرين من القطاعات المشمولة بالتخصيص.
– زيادة فرص العمل والتشغيل الأمثل للقوى الوطنية العاملة، ومواصلة تحقيق زيادة عادلة في دخل الفرد.
– توفير الخدمات للمواطنين والمستثمرين في الوقت، وبالتكلفة المناسبين.
– دعم التنمية الاقتصادية عن طريق تخفيف العبء على ميزانية الحكومة، والسماح للحكومة باستخدام مواردها في القطاعات الاستراتيجية الأخرى.
– تشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للاستثمار محلياً.
– تقاسم المخاطر وتوزيعها بين القطاع العام والخاص بطريقة أكثر فاعلية، بحيث يتحمل كل طرف المخاطر التي يستطيع إدارتها والتعامل معها بفاعلية أكثر من الطرف الآخر.
– زيادة المنافسة وتحفيز القطاع الخاص على تنفيذ المشروعات في الوقت المحدد، ووفقاً للميزانية المتفق عليها مسبقاً.
– رفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية.
– توفير خدمات تلبي احتياجات وتطلعات المواطن.
– دفع القطاع الخاص نحو الاستثمار والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني، وزيادة حصته في الناتج المحلي بما يحقق نمواً في الاقتصاد الوطني.
– زيادة إيرادات الدولة عن طريق عائد المساهمة في النشاط المراد تحويله للقطاع الخاص، وعن طريق ما تحصل عليه من مقابل مالي؛ مثل ما تحصل عليه عند منح الامتيازات، وكذلك عن طريق الإيراد المحصل من بيع الدولة لجزء من حصصها.
* الإدراج بسوق الأسهم
ولأهمية هذه الخطوة المتمثلة في تنفيذ برنامج الخصخصة ، توقع خبراء الاقتصاد داخل المملكة وخارجها أن يسهم برنامج الخصخصة بقوة في التحول الاقتصادي الوطني ورؤية 2030، ومن ذلك إدراج كيانات اقتصادية كبيرة.
وفي هذا الشأن، قال مسؤول تنفيذي كبير في بنك إتش.إس.بي.سي : إن من المرجح أن يتم إدراج نحو 100 كيان في قطاعات من بينها التعدين والرعاية الصحية والطاقة في سوق الأسهم ، في إطار مساعي المملكة للخصخصة. وهناك ما يقرب من 180 شركة مدرجة في الوقت الحالي.
وكانت المملكة قد ناقشت مؤخرا مع شركات نفط عالمية فرصا خاصة بمشروعات غاز داخل المملكة وخارجها في إطار مساعيها كأكبر منتج للخام ، لتنويع الاستثمارات قبل إدراج شركة الطاقة العملاقة أرامكو السعودية.
وحسب البرنامج تهدف المملكة إلىتحقيق إيرادات غير نفطية تصل إلى نحو 40 مليار ريال (9-11 مليار دولار) من برنامجها للخصخصة بحلول عام 2020، وتوفير ما يصل إلى 12 ألف وظيفة.
كما يستهدف استثمارات تتراوح بين 24 مليارا، إلى 28 مليار ريال في 14 عقدا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتتضمن تحويل الموانئ السعودية إلى شركات وخصخصة قطاع الإنتاج في المؤسسة العامة لتحلية مياه البحر ومحطة رأس الخير لتحلية المياه وإنتاج الطاقة.
وتستهدف عملية الخصخصة تحقيق دخل اقتصادي غير نفطي ، بمقدار 200 مليار دولار في السنوات المقبلة، في إطار إصلاحات “رؤية 2030” التي تهدف لإحداث تغييرات شاملة في الاقتصاد السعودي، و100 مليار دولار أخرى من خلال بيع حصة قدرها 5 % في شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية.
كما تحدد خطة التنفيذ الجديدة المسار للفترة حتى نهاية عام 2020، والتي تخطط خلالها لخصخصة شركات مطاحن الدقيق التابعة للمؤسسة العامة لصوامع الغلال، وجزء من المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. كما ستعمل أيضا على تحويل الموانئ إلى شركات وخصخصة بعض الخدمات في قطاع المواصلات، وتحويل مركز مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى منظمة غير هادفة للربح.
ويشير البرنامج إلى أن معظم هذه العمليات ستقتصر على التحويل إلى شركات والإجراءات التحضيرية، في حين أن الخصخصة الكاملة من غير المتوقع أن تحدث قبل 2020. ويستهدف جذب استثمارات غير حكومية حجمها 60.99 مليار ريال بهدف المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.