جدة – مهند قحطان
لسوق المشالح في جدة عبق خاص في التسوق ، لما له من طقوس يحرص عليها التجار في السوق ، حيث يستقبلونك بالبشاشة والضيافة بالقهوة العربية اثناء انتظارك للشراء ، ويودعونك بعبارات الدعاء. البلاد قامت بجولة استطلاعية سجلت خلالها صورا من الارتباط الحميم بين المعارض وماتحتويه من ملابس تاجها البشوت والمشالح والأشمغة ، والاقبال الذي لا ينقطع ارتباطا بمكونات الزي الوطني العريق.
أنشئ سوق المشالح منذ أكثر من أربعين عاما ويوجد به المشالح والأحذية المصنوعة من الجلد والتي تصنع محليا بالإضافة الى بيع العمائم والأشمغة والطواقي والسيوف، وبعض أنواع البخور والعود، جميع عرسان جدة يعرفون هذا السوق جيدا، ولا يمكن أن تكتمل فرحة العريس وشياكته الا اذا ارتدى المشلح من هذا السوق الذي عرف بتميزه في انتقاء المشالح الممتازة التي تصنع محليا.ومن أهم ما يميز التجار في ذلك السوق الذي يقع ملاصقا لشارع قابل أحد أشهر المواقع التجارية في جدة هي (الصدق)، وعدم الغش.
اللقاء الأول كان مع البائع يوسف الشمري ، الذي أكد أن سوق المشالح يعتبر أحد أسواق جدة القديمة وهو لم يتغير كثيرا عما كان عليه في السابق ولكن تجاره السابقين بعضهم توفي وبعضهم كبر في السن ولم يعد قادرا على التواجد بشكل مستمر في المحل اما البضاعة لم تتغير وما زالت المشالح بنفس تصاميمها السابقة، والمواد الخام التي تدخل في صناعتها واسعارها بالطبع تغيرت عما كانت عليه في السابق تبعا لتغير الوقت وتغير امكانات الناس المادية فالمشلح الذي كان يباع في الوقت السابق 100 ريال اصبح سعره اليوم 3000.
*السعر حسب الجودة
وأضاف الشمري أن سعر المشلح يتحدد على جودته ونوع القصب المستخدم فيها والمشالح الحساوية هي الأغلى إذ يتراوح سعرها من 1000 ريال الى 6000 ريال وتأتي بعدها المشالح التي تصنع في المدينة المنورة، وهناك مشالح تصنع في جدة وبعدها في الجودة المشالح الخارجية التي تتراوح اسعارها من 200 ريال وتصل الى 1500 ريال وتزيد قيمة المشالح التي تصنع يدويا عن المشالح التي تصنع آليا لأن المشالح التي تصنع يدويا فيها حرفة مميزة واتقان يختلف من صانع إلى آخر.
وأشار يوسف أن البيع قل عن السابق لأن الكثير من الشباب لم يعد يهتم باقتناء مشلح وبعضهم أخذته الصرعات الجديدة في الملابس عن الاهتمام بتراثه، ولهذا لم يعد المشلح من اهتمامات الشباب ولا يفكر فيه الكثير منهم الا عندما يقرر الزواج والغالبية اليوم من الشباب تفضل الدقلة في عقد القران والزفاف ايضا لأنها في نظرهم اشيك وتلبس بطريقة أكثر راحة.
وختم يوسف حديثه أن بعض المحلات مع الأسف تخدع الزبائن عندما تبيع له مشلحا مصنوعا في الخارج من البلدان المجاورة على أنه مشلح مصنوع في المملكة وهم يستغلون جهل الناس بالمشالح، وعدم معرفتهم بالفروق بين المشالح الحساوية والخارجية المقلدة ولهذا يجب على أي شخص الا يشتر مشلحاً غير مكتوب عليه مكان الصنع.
ومن جهة أخرى قال أحمد الشهراني أن اسعار البشوت قد اختلفت وزاد سعرها بشكل كبير جدا، واضاف ان الاسعار في السابق كانت لا تتجاوز الـ 1000 ريال اما وفي الفترة الحالية أصبحت بأنواع مختلفة واسعار مختلفة ما بين 1500 إلى 5000 و 6000 ريال وأن هذا لاستغلال كبير للمواطن، ويجب مراعاتنا في الاسعار منا من مقبل على زواج والاخر على تخرج جامعي وغيره وهذه الاسعار غير مناسبة للأغلبية.
وختم الشهراني حديثه أن العديد من الزبائن عند شرائها للبشت هوا للباسه مرة واحده فقط او مرتين لكن يجب أن يكون بسعر مناسب وجودة ممتازة.
من جهته قال محمد الغامدي أن الدقلة في الوقت الراهن قد سحبت الكثير من زبائن المشالح خاصة في أوساط الشباب الذين يفضلونها على المشالح ولأن سعرها أقل ويتراوح بين 300 إلى 600 ريال وتعمل بأشكال جذابة وبألوان تناسب أذواق الشباب في هذه الأيام.
* المديني والحساوي
وأشار الغامدي على ان المشالح في سوق جدة تشمل جميع الأنواع منها الحساوي بدرجاته والمديني، وبعضها يصنع في جدة بالإضافة إلى الفروة التي تصنع خارج المملكة ويقبل عليها الناس في وقت البرد خاصة في المناطق الباردة في شمال المملكة وجنوبها والفروة يختلف سعرها حسب جودتها والمادة الخام المصنوعة منها ويتراوح من 250 ريالا وقد يصل إلى 1500 ريال.
واضاف محمد أن الكثير من المقيمين والسائحين خاصة الأوروبيين يقبلون على شراء المشالح من سوق جدة لأنهم يرون فيها زياً مميزاً من المملكة يتفاخرون به في بلادهم، والكثير منهم لا يبحث عن المشالح الغالية الثمن وإنما يبحث عن المشالح التي سعرها رخيص لأنه لا يبحث عن الجودة وإنما يبحث عن اقتناء زي يذكره بنا، والكثيرين منهم يأتون لسوق المشالح في جدة للشراء في الكثير من المواسم.
ونبه الغامدي أن ما يحدد قيمة المشلح هي الجودة في صناعته والخامة المصنوع منها بالإضافة إلى القصب الذي يطرز به والمشالح التي تصنع يدويا أغلى سعراً من المشالح التي تصنع آلياً وتطرز بواسطة الكمبيوتر والحساوي هو الأغلى في المشالح.
وختم الغامدي حديثه أن معظم تجار سوق المشالح يفتقدون زبائنهم من الشباب مما يسبب لهم تراجع في المبيعات في السوق خلال الفترة السابقة عما كانت عليه في السابق لأن الكثير من الشباب وجيل الوقت الحاضر لم تعد المشالح تجذبهم في ظل ما يعيشه هؤلاء الشباب من صرعات الموضة أبعدتهم عن تراثهم وأزيائهم التقليدية الأصيلة وأن كان بعض الشباب لا يفتقد الحنين بين الحين والآخر إلى تراثه وأصالته، قائلا رحم الله عندما كان الأصدقاء يحرصون على اهداء بعضهم البعض البشوت في المناسبات المختلفة كالأعياد والأفراح أما اليوم فقد اتجه الكثيرون إلى تهادي أشياء لا علاقة لها بتراثنا ونسوا المشالح نهائياً.
وقال أحد العاملين في محلات بيع المشالح بسوق جدة ان مبيعات المشالح سنوياً لا تزيد على ألف مشلح في العام وهذا نتيجة تراجع الإقبال عليها ومعظم المشالح المباعة من الرخيصة ومتوسطة السعر متمنيا أن يعود الزمن الجميل لسوق البشوت لأنها تراث وطني يفترض أن يظل حاضراً في جميع الاوقات والاعمار.
*تأجير المشالح والدقلات
البائع محمد مجرشي أكد أن الكثير من الشباب اليوم لا يعرف شيئاً عن المشالح وأنواعها والكثير لا يلتفت لها إلاّ في المناسبات مثل الزواج او التخرج وغيرها والكثير من الشباب يجد ان شراء مشلح ليلبسه في ليلة واحدة فقط هي ليلة الزفاف فيه اسراف رغم ان العرائس يشترين فستان الزفاف بآلاف الريالات بينما المشلح يمكن ان يلبسه الشاب في كل مناسبة ولا يتوقف أهميته على ليلة الزفاف فقط.
واشار أن مجرشي ان الكثير من الشباب لا يفضل شراء مشلح للزفاف لأنه في نظره مكلف ومن أجل ذلك فقد وفرت المحالات هنا مشالح بنظام التأجير بشرط ان يدفع تأميناً مناسباً لقيمة المشلح المطلوب استئجاره فإذا أعاد المشلح أخذ التأمين وإذا لم يعده يتم أخذ التأمين، حيث قيمة تأجير المشالح تختلف حسب النوع وتتراوح من 150 ريال إلى 350 ريالاً وهذا النظام سهل على الكثير من الشباب وساعدهم في ان تكمل شياكتهم في ليلة فرحهم وبأقل التكاليف.