نبيه بن مراد العطرجي

يوم عرفه عظم الله أمره ، وجعله من الأيام الفاضلة التي رفع قدرها ، ففي هذا اليوم تجاب الدعوات قال عليه الصلاة والسلام : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ) وتقال فيه العثرات ، وتُرتجى الطلبات ، أكمل فيه الله الدين ، وأتم به النعمة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} وهو أحد أيام الأشهر الحرم {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} وأحد الأيام المعلومات {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} وأحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال عليه الصلاة والسلام : ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الحج عرفة ) فالحاج عندما يودع عرفات بعد غروب شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة يرجع كيوم ولدته أمه خالي من الذنوب قال عليه الصلاة والسلام : ( من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) وليحذر الحاج كل الحذر من التقصير في هذا اليوم العظيم ، فما هو إلا أوقات قصيرة ، وساعات يسيرة ، إن وفق للعمل الصالح فيها أفلح كل الفلاح ، وفاز كل الفوز ، وينبغي للحاج إذا لحقه ملل أو سآمة أن ينوع في العبادة ، وينتقل من حالة إلى حالة ، فتارة يقرأ القرآن ، وتارة يهلل ، وتارة يكبر ، وتارة يسبح ، وتارة يحمد الله ، وتارة يستغفر ، وتارة يدعو …. وهكذا حتى ينقضي يوم عرفه ، فكم لله في هذا اليوم من عتقاء ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء ) قال ابن عبد البر : وهو يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران ، وصومه مستحب لغير الحاج ففيه رفعة في الدرجات ، وتكثير للحسنات ، وتكفير للسيئات ، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ) وعن سهل بـن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام يوم عرفة غُفر له ذنب سنتين متتابعتين ) والمقصود بذلك التكفير ، تكفير الصغائر دون الكبائر ، وتكفير الصغائر مشروطاً بترك الكبائر ، ومن منا لا يحتاج إلى فعل الخير والعمل الصالح تقرباً إلى الله وتعبداً له وزيادة في الأجر والثواب ، فعطاء الله لا ممسك له ، وثوابه لا حدود له ، فلنغتنم هذه الفرصة الذهبية التي هي آخر مواسم الخير لهذا العام ، والتي مَنَّ الله تعالى بها علينا لكي ننال هذا الأجر العظيم ، فمَنْ منا معصوم عن الخطأ !!.
ومن أصدق من الله قيلاً { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }.
وكل عام وأنتم بخير ،،،،
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *