[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رفعة بنت محمد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]

عندما أطلقت الجدة صرختها المكتومة وقالت بحسرة : يا ولدنا المسكين مالك حظ ! ؛ لم ينتبه أحد لها بسبب الموسيقى الصاخبة واهتمام الحاضرات بالنظر إلى العروس التي ظهرت على شرفة مزينة تسير ببطء شديد والفلبينيات منكفئات حولها يرفعن طرف ثوبها ويمسكن بقدميها في كل خطوة تخطوها . ولم تكن العروس قليلة الجمال ولكن حرص الجدة ( القادمة من القرية ) على حفيدها الوحيد وعلى سعادته بعروس مناسبة جعلها تهمس في أذن من بجوارها : هل العروس معاقة ؟!
لا تلم هذه المرأة ( الجاهلة ) بتكتيكات الزفاف هذه الأيام ، ولم تضطر إلى حضورها لتشاهد إلى أي مدى أسرتنا الشكليات والمظاهر المزيفة ، وكم أجدنا التقليد حتى مللناه فابتكرنا كل غريب يناسب التكلف الذي اعتدنا عليه ، فقط ليصبح عرسنا حديث الموسم . وربما أزعجت الجدة النساء عندما أبدت غضبها مما رأته على ( الكوشة ) من حركات يقوم بها العروسان ( للتموضع ) أمام المصورة لالتقاط الصور التذكارية .
و عندما قلدنا ثوب العروس الأوروبية الأبيض لم ننسخه كما هو برقته وبساطته التي تتيح للعروس أن تنطلق كالفراشة؛ولكننا أضفنا إليه ما جعله عبئا تحمله العروس ومن حولها . ثم زاد النقص في نفوسنا فأضفنا إلى زفة العروس ؛ زفة العصير ! نعم زفة تسبقها موسيقى قوية وتضاء أثناءها الأنوار الملونة المتحركة لتعبر عن فرحتنا بتناول العصير الطبيعي وكأننا لا نراه إلا في هذه الأماكن ،ثم تطور الأمر لنشاهد زفة القهوة عندما تصدح المغنية ( بالله صبوها القهوة زيدوها هيل ) وتنطلق الآسيويات ( ساخرات يغالبن الضحك ) بخطى سريعة مرتديات الثياب البدوية ويحملن دلال القهوة يسكبن للحاضرات،وقد تطورت الاكسسوارات لتحمل هؤلاء العاملات السيوف بالإضافة إلى القهوة ! ولك أن تضحك على التناقض بين الزي البدوي ومن يرتديه ، ولك أن تتساءل عن الفرق بين القهوة ( المزفوفة ) وبين تلك الموجودة على الطاولات منذ بداية الحفل !
حفلات الزواج أصبحت تخضع لما يحب أن يراه الناس، وليس لإمكانيات العريس وقدرته ، أو للمعقول الذي لا يحرم الناس فرحهم ولكنه في ذات الوقت لا يخلف وراءه التفاهة والقشور الزائفة .
لا أعتقد أن ليلة الزفاف محذوفة من حياة الزوجين ؛ بل هي البداية التي قد تتوقف عليها كثير من التفاصيل، بل وتظهر مدى قوة الشخصية لكل منهما وقدرته على تحمل المسؤوليات والعيش وفق المتاح والاستمتاع بالمعقول . فإذا كانت العروس عاجزة عن حمل فستان هي التي اختارته ؛ هل ستكون قادرة على تحمل تبعات الزواج ؟!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *