محمد أحمد عسيري

تابعت الكثير من الكتابات السابقة والمؤشرات التي كانت تحذر من انحدار حاد في مستوى الذوق العام، واعتلال في صحته وانخفاض في ضربات قلبه وعجزِ بسبب غيابه المتكرر عن الوعي. كل هذه المؤشرات ظهرت جلية على تصرفات الإنسان الذي وهبه الله العقل والإدراك كي يحجم عن كل الأمور التي بدورها تهوي بهذا الذوق إلى أسفل السافلين. ولكني اليوم أتقدم لكم بأحر التعازي لفقدان ذوقنا فلقد فارقنا بالأمس.. والمؤسف في الأمر أنه رحل فتيا قبل أن ينضج ويصبح يافعا يقدم العون للمجتمع والناس ومن يتعاطون معه.. فالبقاء لله. من الآن دعونا نلتمس العذر لكل التصرفات غير اللائقة في الأماكن العامة.. فلا داعي لأن يحترم بعضنا الآخر، ولن يلام من يتلفظ بتلك الألفاظ البذيئة غير آبه بمشاعر الصغير والكبير. وسيمر مرور الكرام الاستهتار بحقوق الآخرين وأمنهم فبعد رحيلك أيها الذوق لم يبق لنا غير التصبر على حياتنا وما ينغصها.
لا يستغرب أحدكم من تلك المشاهدات المقززة عندما يخرج لقضاء بعض الأمور الحياتية، ولا يطلب الاحترام المتبادل فالكل سيعلق لافتات تنذر وتنبه من انعدام الكياسة واللباقة والأسلوب الحميد في كيفية التعامل مع البشر. لا أدري لماذا أصبح تعاملنا مع بعضنا يشوبه الكثير من الجفاف والبرود وكأننا هياكل بلا أرواح ؟
عبوس وتقطيب جبين بلا مبرر، وصبر ينفذ قبل أن نهبه فرصة الظهور، وغطرسة تُذهب بطبيعة النفس البشرية المجبولة على الخير والتسامح وغيرها من التصرفات التي تتنافى مع ديننا وسلوكنا الإنساني وكأن هذه الأرض ملك خاص للبعض وعلى الآخرين الهجرة والبحث لهم عن مكان يعيشون فيه بسلام.
هذه الزحمة التي أصبحت تشوه وجه الحياة البشوش، والتعقيدات المستحدثة من بني البشر، والنمطية الرتيبة تحتاج منا لبعض المرونة والسلاسة حتى نشعر ببعض الرضا عن الذات وعن الآخر الذي يشاركنا ويقاسمنا هذه المساحة الضيقة.
ربما يلد لنا ذوق آخر يوما ما وتعود علاقاتنا البشرية إلى طبيعتها وتصبح الحياة أجمل نستطيع عيش لحظاتها السريعة في هدوء وألفة. وحتى ذلك الحين نضع أيدينا على قلوبنا راجين من الله السلامة من هذه الضوضاء اللاأخلاقية التي غيبت العقل وخنقت الذوق حتى رحل عنا.
لمحة عابرة .. يقول أوسكار وايلد : بعض الناس ينشرون السعادة أينما ذهبوا، وبعضهم ينشرونها كلما فارقونا وذهبوا.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *