هل ينجو الاتحاد الأوروبى ؟
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. ياسر صابر[/COLOR][/ALIGN]
خروج أوروبا مدمرة بعد الحرب العالمية الثانية جعلها فى أمس الحاجة إلى مساعدة أمريكا فى إعادة بنائها وهذا ماتم فى خطة مارشال التى كان لها عظيم الأثر فى هيكلة طبيعة العلاقة بين أمريكا وأوروبا وقد خرجت أمريكا من هذه المرحلة وهى تملك أدوات ضغط كثيرة داخل القارة العجوز . وبالرغم من ذلك شكلت الوحدة الأوروربية هاجساً للخوف لدى الولايات المتحدة ، لأن الأخيرة تدرك أن أوروبا يمكن أن تصبح قوة كبرى تهدد الولايات المتحدة وتنافسها على مصالحها حول العالم . فعمد ساسة أمريكا على إتخاذ الخطوات الهامة التى تضعف هذا الإتحاد الأوروبى وتجبره أن يلزم بيت الطاعة الأمريكى فقامت أمريكا مباشرة بمحاولات توسيع الإتحاد الأوروبى بضم دول أوروبا الشرقية إليه وقد نجحت بالفعل فى ذلك . ولأن أمريكا تملك نفوذاً كبيراً على دول أوروبا الشرقية إستطاعت أن يكون تأثيرها على الإتحاد الأوروبى من خلال هذه الدول كبيراً وهذا ماأدى بالفعل لإضعاف هذا الإتحاد وجعله مشغولاً بمشاكله أكثر من إنشغاله بسياسته الخارجية.
لقد إصطدم الحلم الأوروبى فى الوحدة بعقبات كثيرة منذ ولادته ، أولها مبدئى والذى يتمثل فى نظرة الغرب الرأسمالية التى تجعل مقياسهم فى الأعمال هو المنفعة ، وهذا جعل كل دولة تنظر للإتحاد الأوروبى من خلال هذه النظرة الضيقة وكم من الفوائد ستعود عليها بوجودها فيه ، ولم تستطع مصلحة الجماعة أن تتغلب على مصلحة الدول منفردة مما هدد بقاء هذا الإتحاد. وهذا مما جعل دولة كبريطانيا تضع قدماً داخل هذا الإتحاد وأخرى خارجه ، وظهر هذا جلياً فى القمة الأوروبية الأخيرة حين تشاجر ساركوزى مع كاميرون.
ثانيها العصبية القومية التى يصعب على أوروبا التخلص منها ، فالعداء والحروب الطاحنة بين الشعوب الأوروبية خلقت حاجزاً كبيراً يصعب هدمه فالفرنسى ينظر للألمانى نظرة عداء والهولندى لجاره الشرقى نظرة إزدراء حتى الألمانى الغربى ينظر لأخيه الشرقى على أنه عالة عليه وأصبح الألمانى الشرقى يرى نفسه فى بون وميونيخ أجنبياً . وهذه المشكلة جعلت شعوب أوروبا تتململ من فكرة الإتحاد هذه فالألمانى يرى نفسه كالبقرة التى تدر حليباً ليشربه الإيطالى الذى لايعمل ، وشعوب فرنسا وألمانيا وغيرها ترى أنها مطالبة بأن تقتسم من قوت يومها لتحل مشكلة شعب كاليونان وهذا أدى بدوره لتنامى دور اليمين المتطرف الذى يحارب فكرة الإتحاد الأوروبى .
ثالثها وهى مشكلة عامة أصابت المبدأ الرأسمالى حيث وصل نظامهم الإقتصادى إلى مرحلة اللاعودة حيث إتسع الخرق على الراقع وأصبح الإقتصاد الحقيقى يشكل 20 بالمائة من حجم الإقتصاد بينما الباقى إقتصاد وهمى عبارة عن أرقام وهذا مما يفاقم مشكلة الديون الأوروبية لأن أى محاولة لتجاوزها تكون على حساب الإقتراض من جديد وهذا مايبدو لهم فى الأفق ، فتقل بالتالى العشرون بالمائة هذه على حساب الثمانين بالمائة . أضف إلى ذلك شيخوخة المجتمع الغربى التى جعلته ينفق أكثر مما ينتج وهذه المشكلة تمثل قنبلة موقوتة يمكن أن تصرع الغرب في أية لحظة.
التصنيف: