هل نقول وداعاً لثورات الربيع العربي؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. أحمد مجدي حجازي[/COLOR][/ALIGN]

لعل ما يدور في أروقة المشهد السياسي العربي من حركات ثورية وانتقاضات عارمة واحتجاجات واسعة الانتشار في المنطقة العربية يثير زخما من التساؤلات تدور في معظمها حول مستقبل النظم في تلك الدول وفي أي اتجاه تسير؟
وهل حقق الثوار أهدافهم؟ خاصة أن الشواهد الواقعية تشير إلى تزايد مطالب الثوار إزاء التعنت في تحقيق تلك المطالب, وفي نفس الوقت تراخي أهل القلم المثقفون بلغة ابن خلدون في دعم الحركات الثورية والانخراط فيها. كما يطرح المشهد السياسي إشكاليات أخرى تتعلق بموقف العالم الخارجي; وبخاصة أمريكا وإسرائيل من تلك الحركات الثورية التي أطلق عليها الربيع العربي. والسؤال الأكثر إثارة هو: ما موقف القوى الفاعلة في عالم اليوم من ثورات الربيع العربي؟ وما استراتيجيتها في الشرق الأوسط؟ هل تخطط من أجل التكيف مع معطيات ثورية جديدة يمكن أن تغير من توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط, تلك التي تمثل محور اهتمام القوى العالمية لما لها من مصالح في تلك المنطقة, فهل نتوقع توجهات استراتيجية جديدة تنطوي على آليات ناعمة أم خشنة, بمعنى المفاضلة بين سياسة الاحتواء أو اللجوء إلى وسائل الردع فتحقق مصالح لأمريكا وحلفائها في المنطقة.
لقد بات واضحا سيادة حالة من القلق والتوتر والترقب والخوف في المنطقة العربية على مستقبل تلك الدول, والتي استطاعت بعد طول معاناة أن تحقق نوعا من الاستقلال والسيادة, فبعد كفاح وطني وحروب ملتهبة راح ضحيتها مواطنون شرفاء وقفوا بصلابة ضد الاستعمار بآلياته العسكرية, صرخات وطنية وكفاح مستمر, مما يدعو إلى قلق مزدوج الأول على المستويين الداخلي والخارجي تعاني منه شعوب المنطقة فعلى المستوى الأول لعبت الأنظمة المستبدة دورا أساسيا في الشعور بالحرمان النسبي أسهمت في قمع المواطنين لفترات تاريخية طال مداها, وعلى المستوى الثاني يأتي الشعور بالقلق وعدم الاستقرار في المنطقة بسبب التهديدات التي تقودها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
عانت تلك الشعوب وانطلقت مجموعات من الشباب المتعطش إلى الحرية, إلى الفعل الثوري لرفض أشكال القمع مستعينين في ذلك بوسائل التواصل الاجتماعي الافتراضي الذي دشن ثورات الحرية والكرامة والعدالة. إن الربيع العربي وضع هذه الشعوب أمام لحظة حياتية فارقة في تقرير مصيرها فعليها إعادة صياغة أوضاعها في ضوء متغيرات العصر, وتحسين أوضاع المواطنين واستشراف مستقبل الأوطان, وعليها الاعتراف بأنها أمام تحديات كبرى.
فعالم اليوم بات من التعقيد والتشابك بحيث تغيرت فيه الرؤى وتنوعت فيه الإستراتيجيات, نحن في حاجة إلى تعديل النظريات التقليدية السائدة وتبديل الأفكار والمقولات وفقا لتباين المصالح وتشابك العلاقات الدولية, مما يستدعي إعادة النظر في الفكر السائد بما يتطلب تحليلات أعمق, ورؤى ثقافية, وفكرا تنويريا, وفهما تحليليا مخالفا لما كان بالأمس.
هنا تثار تساؤلات تحتاج إلى بحث وتعمق من أهمها ما أهم التحديات الخارجية والداخلية وكيف يمكن مواجهتها؟
فهل لنا, كشعوب عربية, تشعر بالقلق والتوتر بسبب الغموض الذي يسود المشهد السياسي في تلك الدول أن تأخذ في اعتبارها أن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس, حيث نلاحظ تغير سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط, وتبدل مواقفها وأنها في إطار ذلك تعيد صياغة استراتيجيتها وإعادة تقييم للاتجاهات الرئيسية السائدة في المنطقة, وكذلك الخيارات المناسبة لتحقيقها.
فهل نقول وداعا لثورات الربيع العربي؟.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *