هل نخرج من دائرة الجدل إلى معركة التنمية؟
ظهرت في الفترة الأخيرة تحولات متعددة الجوانب في منطقة الشرق الأوسط أشعلت الكثير من الصراعات في الساحة الاجتماعية من خلال السجالات التي توزعت قضايا شعوب المنطقة في مشهد لم يسبق له مثيل.
حيث انشغل الشرق أوسطيون بحمى الانتخابات وأدوات التغيير.. والممارسة «المرتبكة» لمفهوم الديموقراطية .. ليمتد الجدل إلى القضايا الدينية والمذهبية في تأكيد على أن بعض أهل المنطقة قد اكتشفوا أن معتقداتهم بحاجة إلى إعادة نظر في جوانبها الفقهيَّة. وهو ما أدى إلى ظهور عناصر استغلت حرية الطرح في ممارسة الفتوى من منطلقات بحثية لم تكن تجرؤ على مناقشتها في ظل الرأي الأوحد. وبالمقابل ظهرت عناصر لا علاقة لها بالمفهوم أو الممارسة لتدخل حلبة الصراع من باب العاطفة وبعضها من باب الظهور وفرض الصوت على ساحة الحوار بحثاً عن الذات في ثوب «النرجسية».
صحيح أن مسار الدعوة كان بحاجة إلى تنقية الكثير من المفاهيم الخاطئة.. غير أن مشروع ما كان يعرف «بالصحوة» قد أخطأ المسار في استخدام أجندة ظاهرها الدين وباطنها شهوة الوصول إلى السلطة من خلال ممارسة الإرهاب في استغلال لنصوص تم تحريفها وبعضها الآخر تم توظيفها وتخريجها لصالح مشروع يهدد العقيدة والأمة على حد سواء.. وهو خطاب لم يواجهه أحد أو يعترض على مخرجاته وتنظيماته الخطيرة قبل أن تقع نتائج «ما لم يكن مستوراً» وهنا يمكن القول إن ذلك المشروع هو الذي أدى إلى فتح باب الحوار حول التصحيح الذي كان لابد منه.
غير أن الأخير مازال دون تقنين ودون تحديد لتفعيل دور المؤسسات الدينية بما فيها مجمع الفقه الإسلامي ورابطة ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكبار العلماء حتى لا يكون هناك خلط في مناقشة القضايا الحساسة التي تمس معتقدات الأمة. وحتى لا تكون هناك مصادرة للبحوث الاجتهادية العلمية بقدر ما يجب مناقشتها بروح الحوار ومنهج الاعتدال في محاولة لتنقية ما علق بالدين من مفاهيم خاطئة.
وبالتالي يبقى المجتمع العربي والإسلامي في منطقة الشرق الأوسط غارقاً في محاولة تشكيل مؤسساته بنسخة مطورة تتفق مع معطيات المرحلة.وبشكل لا يصادر الهوية في المعتقد أو الانتماء والممارسة. وهذا الأخير هو الجانب الذي نريد وهو الذي يجب أن يخضع للحوار المتمكن الذي يوصل في النهاية إلى الإقناع بعيداً عن السجالات المتوترة والتوظيف لما هو خارج هذه القضايا سواء كان ذلك على الصعيد الديني أو السياسي أو الاجتماعي خاصة في منطقة مثقلة بتحديات المستقبل ولديها الكثير من هموم القضايا الاقتصادية والأمنية . وهو ما يتطلب مواجهة هذه التحديات بالخروج سريعاً من دائرة الجدل إلى معركة التنمية المستدامة من خلال بناء القدرة الذاتية وتفعيل دور الاستراتيجيات الإنتاجية للأجيال القادمة.
Twitter:@NasserALShehry
[email protected]
التصنيف: