هل نجح ترامب بإعادة المكسيك لنافتا الجديدة
“نافتا” أو اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية هي الاتفاقية التي أبرمت عام 1994م لخلق منطقة تجارية حرة خالية من الضرائب الجمركية بين الولايات المتحدة “أمريكا” ، كندا والمكسيك. وتعتبر أول وأكبر اتفاقية للتجارة الحرة ليس فقط على مستوى أمريكا بل على مستوى العالم.
كان الغرض الأساسي وكما وصفها رؤساء أمريكا السابقون بأنها ستساعد دول أمريكا الشمالية في التوسع في التصدير وخلق وظائف جديدة لمواطنيها مما يساعد على ازدهار الاقتصاد. الجدير ذكره أن نافتا قد غيرت الكثير من عادات سكان أمريكا الشمالية ومن ضمنها الغذاء والملبس والمركب وغيرها من الأمور المتعلقة بطريقة الحياة اليومية.
فعلى سبيل المثال فاكهة الافوكادو تعتبر من الفواكه التي تصدر بكميات كبيرة جدا من المكسيك إلى أمريكا وأصبح المواطن الأمريكي يستهلك ما مقداره 4 كيلو سنويا من الافوكادو في عام 2014م من نصف كيلو فقط في 1994م.
وقد ساعدت فاكهة الافوكادو في نمو الاقتصاد المكسيكي وأصبح الشعب الأمريكي يلتهم أطنان الفواكه والخضروات المكسيكية بالإضافة إلى شرب الكحوليات المكسيكية وأصبحت المنتجات المكسيكية تباع في الأسواق الأمريكية والكندية بأرخص الأسعار. ربما يكون الوضع مناسبا للمواطن الأمريكي إلا أنه قد أثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي.
فبالرغم من تساوي كفاءة الأيدي العاملة لدول النافتا مع تدني أجر العمالة المكسيكية مقارنة بالعمالة الأمريكية والكندية, أصبحت الكفة الاقتصادية تميل لصالح المكسيك, ولان الصادرات المكسيكية رخيصة مقارنة بصادرات أمريكا وكندا ولأن الغرض الأساسي من النافتا إلغاء التعرفة الجمركية، أصبح تمركز الوظائف في المكسيك وأصبحت المكسيك الحاضن الرئيسي لصناعة السيارات الأمريكية وخسر العديد من مواطنو أمريكا وظائفهم وتم إغلاق المصانع والشركات والمنشآت وارتفعت نسبة البطالة, بينما أصبحت صادرات المكسيك تدفق بغزارة إلى دول النافتا الأخرى وأزدهر انتعاش المكسيك مع مرور الوقت.
فقد وصل حجم التبادل التجاري بين أمريكا والمكسيك لعام 2016 إلى 525 مليار دولار, بعجز تجاري أمريكي بمقدار 63 مليار دولار, بينما وصل حجم التبادل التجاري لنفس العام بين أمريكا وكندا بحوالي 545 مليار دولار بعجز تجاري أمريكي بمقدار 11 مليار دولار, بمعنى أخر أن أمريكا تستورد أكثر مما تصدر إلى كندا والمكسيك.
لذلك فقد وصف ترامب هذه الاتفاقية بالكارثة وبأنها أسوأ اتفاقية تجارية أبرمت على مر التاريخ الأمريكي لتأثيرها الكبير على الإنتاج الصناعي الأمريكي وبموجب هذه الاتفاقية أصبحت أمريكا أكثر دول العالم استيرادا من المكسيك بنسبة 81% من إجمالي الصادرات المكسيكية, وقفز الاقتصاد المكسيكي إلى المرتبة الخامسة عشر كأكبر اقتصاد عالمي ويقدر حجم اقتصادها بحوالي 1,261 تريليون دولار ويساهم قطاع الصناعة بحوالي 32% من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل بالقطاع نحو 24% من القوة العاملة في البلاد, وتحتل المركز الثاني عشر عالميا بتصدير نحو 46 مليار دولار من الصناعات التكنولوجية للخارج واحتلت المركز الرابع عشر عالميا في إنتاج الصلب لعام 2017 بحجم 20 مليون طن.
وبالرغم من أنه ليس من السهل قانونيا واقتصاديا أن يقوم ترامب بإلغاء هذه الاتفاقية بسبب التداخلات التجارية المعقدة بين دول النافتا والذي قد يؤدي في حال انهياره إلى حدوث خسائر اقتصادية كبيرة, إلا أنه قد هدد بإلغاء الاتفاقية ما لم يتم التوصل إلى عدالة اقتصادية بين الدول الثلاثة.
@Dr_AlNemerH
التصنيف: