[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

عندما تقرأ صحافة وجهة النظر الواحدة، لابد ان تسلح نفسك بفكرة ثابتة هي أن كل ما تقرأ أو تسمع أو ترى من هذا النوع من الصحافة هو فقط وجه من وجوه الحقيقة. فإن لم تفعل سيطر على ذهنك وعقلك تصور للعالم ولأحداثه ناقص ومؤثر على موضوعيتك ومعرفتك الصحيحة بما حولك.
المسألة تماما كقصة الكأس المملوء حتى النصف، فالبعض لا يرى سوى النصف الفارغ والبعض الآخر لا يرى سوى النصف الممتلئ، والحصيف فقط هو الذي يعرف أنه كأس نصفه ممتلئ ونصفه الآخر فارغ.
المشكلة أن الحصافة ليست دأب أو سمة كل الناس، مما يجعل أغلبهم مستندين على وسائل الاعلام كي توفر لهم المعلومات واثقين انها ستقدم معلومات مكتملة عن النصف الفارغ والنصف الممتلئ. فإن لم تفعل، يتابعون التغطيات الاعلامية كما هي دون أن يدركوا أنهم وقعوا ضحية الصورة غير المكتملة.
الصحافة اليمنية:
تتمتع الصحافة اليمنية بمساحة واسعة من الحرية قلما تتمتع بمثلها الصحافة العربية في كثير من المناطق. ولكن الحرية تحتاج الى أحرار كما هي الديمقراطية بحاجة الى ديمقراطيين. والحرية هي مسؤولية بالدرجة الأولى لأن حدود الحرية تتوقف عندما تضر بحرية الآخرين.
وخلال هذا العام لوحظ تطور متراكم لدى عدد من الصحف المطبوعة والصحف الالكترونية بحيث وصلت الى مستوى عالٍ من المهنية والقدرة على متابعة الاحداث ورصد الوقائع ونقلها الى الجمهور.
وفي نفس الوقت ظهرت مجموعة من الصحف والصحفيين الباحثين عن السبق الصحفي والذين يقومون بتغطية الاحداث من زاوية واحدة. كما تزايدت صحف الرأي التي تفتح صفحاتها لكتاب معارضين فقط، ولا تركز على الوقائع ولا على الأحداث.
فصار للأخبار وقع يعكس فقط النصف الفارغ من الكأس مما أدى الى تضليل في المعلومات خاصة لمن هم خارج اليمن من المهاجرين والمغتربين. وبمجرد مسح بسيط لأغلب المواقع الالكترونية الخبرية المتعلقة باليمن، يتصور القارئ أن اليمن قد صارت على كف عفريت، لكنه لو تأمل الوقائع لوجد أن الأمور لا تعدو حدوث بعض الظواهر الصحية التي تصاحب المجتمعات الحرة، وتمثل ترجمة للممارسات الديمقراطية، كحق الناس في التظاهر مثلا.
وقد يحدث أحيانا، أن يميل المنفعلون من المتظاهرين الى الشغب وإحداث الفوضى وخاصة من قبل صغار السن والمراهقين بينهم، لكن ذلك لا يعني أن الدمار قد عم، وان البلاد في حافة الهاوية.
ففي الحقيقة أن أكبر المشاكل التي تعانيها اليمن وقلما تجد تغطية إعلامية كافية هي حوادث الطرق ومشكلاتها التي يمثل ضحاياها أكبر كثيرا من أي تظاهرات أو حتى حروب وقعت في اليمن في تاريخها الحديث.
لكنها مشكلة التغطيات الاعلامية الباحثة عن قراء تكتسبهم بأي شكل حتى لوعمدت الى جعل تغطياتها فقط عن النصف الفارغ من الكأس.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *