[COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR]

كبداية لابد من توضيح الفرق بين الازدواج والفصام في الشخصية، الأول هو مرض نفسي والثاني عقلي، ولذلك الموضة التي نتحدث عنها هي مرض نفسي منتشر في هذا الزمان بشكل ملفت أكثر من الفصام المنتشر أيضاً وبالذات في عالمنا العربي ولكن بشكل أقل من الازدواج في الشخصية. الإنسان معرض في فترة من الحياة وبسبب ظروف هو يعرفها أو لا يعرفها أن يصاب بمرض ازدواج الشخصية والذي يعتبر تفاعلاً ناتجاً عن عدم التكيف مع الواقع في حالة المرض أوتكييف مع الموضة.
أعتقد أن أحد أسباب انتشار حالة ازدواج الشخصية في المجتمعات هي المجتمعات نفسها وطريقة تعاملها مع الأمور، فعلى سبيل المثال تجد أن المجتمعات التي يطغى فيها سلوك التعالي والمظاهر تكون مشجعة لأسلوب النفاق والتملق فتلاحظ أن الكسول، الفاشل ومن يريد الصعود بأي طريقة يتسلح أمام الناس بأسلحة الازدواجية وأهمها الكذب وعندما يعود للمنزل وبين الأهل يكون شخصاً آخر يتحدث عن الفضيلة وينبذ الفساد والرذيلة، مع تكرار هذه الممارسة يستمرئ المتسلق لبس الأقنعة المختلفة معتقداً أنه ليس مفضوحاً ولا يعي أن الآخرين يشاهدونه بكل وضوح فيتجنبه الأنقياء ويستغله الأشقياء.
هنالك حالة شهيرة من حالات الازدواج في الشخصية سببها المنصب الوظيفي لأن القاعدة المعروفة في العالم العربي تنص على وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب تجعل هذا الرجل من يوم صدور قرار تعيينه يتحول إلى تشكيلة متعددة من الازدواجية، فتجد له شخصيات متعددة مع رئيسه، الموظفين، العملاء، الصحافة، العائلة والأصدقاء الذين هم في الغالب مثله وسواه.
الازدواج والفصام على المستوى الفردي أمراض يمكن علاجها بواسطة العقاقير و الجلسات النفسية بالنسبة لمن يعترف بالمرض ويطلب العلاج من اختصاصي، لكن المشكلة تصبح قضية معقدة عندما يتفشى المرض بين نسبة كبيرة من المجتمع لأنه معدٍ وبالذات عندما يشاهد أحدهم أن صاحب الازدواجية هو من يحوز على الجوائز فيظن أنه الفائز فيحاول تطبيق مهاراته بدقة وهنا تحدث العدوى.
طبعاً علاج المجتمعات لايأتي بواسطة العقاقير بقدر ما يحتاج إلى عملية ترميم لسلوكيات المجتمع التي بها ومنها تتحدد شخصية أفراد المجتمع كغالبية لأن المتميزين لا يتبعون نظام القطيع فهم محصنون من هذه الممارسات التي أحسبها من أخطر الآفات الصامتة على المجتمعات عموماً والثرية خصوصاً لأنها تبدد كل المقومات ولا تجلب غير الحسرات التي مع الوقت تصبح ندامات.

عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *