من يراقب مؤسسات مكة المكرمة الإنسانية؟
صالح المعيض
منذ عقدين ونصف كنت ولا زلت ممن يشجعون قيام المؤسسات الخيرية والتي أسميتها في عدة مقالات بأنها (بنوك لا تعرف الخسارة) ولكن وللأسف كثر في الآونة الأخيرة وعبر كافة وسائل الإعلام طرح سلبيات خطيرة من خلال بعض مؤسساتنا الخيرية من جمعيات خيرية أو مؤسسات تكتسب صفة النفع العام سواء كانت من خلال مخالفات مالية أو إدارية أو جودة الأداء.
جمعيات خيرية ومؤسسات إنسانية نكتشف في الأخير أن ما يحدث داخل أسوار بعضها يتنافى ومضمون مهامها وعكس ما يصرح به إعلامياً من قبل المشرفين أو القائمين عليها ولست هنا بصدد تسمية جمعية أو مؤسسة بذاتها فمن المؤكد أن وزارة الشؤؤن الاجتماعية هي الأقرب إلى تلمس أداء تلك المؤسسات والتي عادة ماتتفاخر الوزارة بها وقد لايخص الوضع وزارة الشؤون الاجتماعية وحدها فوزارة الصحة أيضاً هي الأخرى لديها سلبيات تكشفت للرأي العام عبر وسائل الإعلام وأشرت هنا إلى (العاصمة المقدسة) لأن ما ينشر عبر الصحف وعبر صناديق البريد وعبر الإيميلات والمنشورات عن مسميات مؤسسات خيرية بمكة المكرمة يجعل المتابع يفكر ويتساءل : أين مفعول تلك المؤسسات والتي أصبحت تأخد من أسماء معالم مكة المكرمة الإسلامية شعاراً لها وهل هنالك فقراء خاصون بالحرم وفقراء خاصون بمكة المكرمة ، ثم الأهم كيف تجمع تلك الأموال والمنقولات وتوزع ؟ وهل وزارة الشؤون الاجتماعية تتابع ذلك بحرفية وجودة ؟ أم أن الأمور تمشي بالبركة ؟!
وسواء جمعيات مكة المكرمة أو المملكة بصفة عامة تُدار بأسلوب التطوع رغم وجود ميزانيات لها وموظفون يقومون عليها مقابل مرتبات تصرف شهرياً ومؤسسات إنسانية تُعنى بالعجزة أو المعاقين تناثرت عبر وسائل الإعلام سلبياتها بشكل مخيف وكذلك الشأن هو مع مستشفيات الأمراض النفسية ودور النقاهة وكأن مثل هذه الجمعيات والمؤسسات قامت على أموال تطوعية وهذا خلاف الواقع فوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة ترصد سنوياً ميزانيات ضخمة بهذا الصدد لكن النتائج الأخيرة حقيقة زعزعت الثقة وأوجبت تحركاً سريعاً لتصحيح الأوضاع وإشعار القائمين على مثل تلك الجمعيات والمؤسسات أنها قائمة على دعم الدولة ولا تشكل الهبات إلا نسبة ضئيلة ويجب أن يقترن ذلك الدعم بالمحاسبة ويتطلب الأمر بصورة عاجلة إعادة تشكيل لجان عليا مهمتها تنحصر في العمل على التطوير والتدريب وإدراك مهام وواجبات مثل هذه الجمعيات والمؤسسات. فلا يكاد شارع من شوارع مدننا الكبيرة يخلو من اسم جمعية خيرية أو دور إنسانية لكن المتابع لا يلمس لها تأثيراً مباشراً على تحسين الأداء، لأنه وكما يبدو أن العمل داخل تلك الجميعات والمؤسسات يُعد ارتجالياً قد تلعب العاطفة ونقص الخبرة وسوء الإدارة إلى أن تُشكل عوائق تُعيق حُسن الأداء وأن يكون العمل داخل تلك الجمعيات والمؤسسات ممنهجاً ومدروساً ، الهدف منه أن تصل الخدمات إلى أكبر مساحة وأن يكون الأداء ذا مردود إيجابي جماعي ملموس خصوصاً وأن الدعم الذي يصل تلك المؤسسات والجمعيات سواء من الدولة أو من القطاع الخاص يُعد في مجملة ميزانيات دول لكنها تذهب كما أسلفت هباءً منثوراً لعدم وجود أجندة عمل ذات استشراف مستقبلي بعيد، تتجاوز هبة الكيس والكرتون المنتهي الصلاحية إلى مشاريع تنموية خدمية شمولية اجتماعية وسكنية وصحية يجد فيها المحتاج مايستره من سكن ويوفر له حياة جيدة.
لذلك فعشمنا كبير في أن نسمع قريباً عن تشكيل لجان عليا تعتني بهذه الجمعيات والمؤسسات وتوجهها التوجيه السليم الذي يقدم للمجتمع خدمة شمولية تنظر المستقبل البعيد وليس النظرة القاصرة التي تكتفي بقوت اليوم أو الشهر أو أرقام دفترية لا تقدم شيئاً يذكر على أرض الواقع.
عشمنا وقد تابعنا مؤخراً تلك السلبيات أن يكون هنالك تحركاً نشطاً مدروساً يُلامس حقيقة مهام وواجبات هذه الجمعيات والمؤسسات وأن تُدار من خلال الأكفأ القادر على وضع برامج مستقبلية هادفة وبناءه نحو مستقبل يرفع من قيمة وشأن هذه المؤسسات ومعرفة حقيقة كياناتها ومن عليها والتي لاشك أنه متى ما توفرت لها الإدارات المدربة والبرامج المدروسة سيكون عطاؤها أكثر جدية وأشمل نفعاً وأبعد عطاءً حيث سنجد المجمع السكني والمستشفى الخيري والمصانع المنتجة التي تحتوي أبناء الأسر المعوزة هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 فاكس 6917993
التصنيف: