من يدعش من؟
في موسم صيف خطف أضواء الربيع العربي في كارثيته وتداعياته الأكثر خطورة في مشهد المرحلة وأبعادها وحجم انعكاساتها على خارطة الوطن العربي.
وإذا كانت منظومة الجماعات الإسلامية بدءاً من القاعدة وانتهاء بداعش مروراً بالاخوان قد برزت في الأحداث والمتغيرات السياسية بخطابات مختلفة ومتعددة.. إلا أنها تكتسب الجانب العاطفي في الأهداف وان تباينت في المنهج.. حيث تسعى جميعها وسط هذا التباين الى تحقيق طموحات ما ترى أنه الوصول إلى دولة الخلافة الإسلامية. خاصة أن بعض هذه الجماعات “هللت وكبرت” لعمليات (داعش) التي بدأت السيطرة على مدن عراقية مهمة في العراق. ومنها بيجي القريبة من كركوك التي تمثل حقول النفط. وهي المكان الذي يشكل عقبة أمام البقاء أو الاخلاء بالقوة حيث سيواجه أحد أكبر مفاصل الاقتصاد العراقي تدميراً في كلا الحالتين.
لكن من الذي اعطى لداعش فرصة التدخل؟ سؤال لابد أن يكون نوري المالكي رئيس الوزراء في ناصية الإجابة عنه. فهو أي المالكي قد فرض نفسه دكتاتوراً مذهبياً زرع الكثير من العداوات لحكمه داخل المجتمع العراقي حتى من الطائفة الشيعية وعدد من قياداتها المؤثرة مثل مقتدى الصدر واياد جمال الدين وغيرهم من الذين رفضوا ومازالوا يرفضون منهج رئيس الوزراء سواء في فترته السابقة أو بعد فوزه المشبوه بالتزوير في المرحلة الراهنة.
كل هذه المعطيات جعلت داعش تدخل إلى العراق من قواعدها خارج الحدود للانضمام إلى منظومتها في الداخل.وعند ذلك لم تجد تلك الجماعة صعوبة في المواجهة لأسباب منها:
جيش ضعيف بكل امكانياته القتالية. وعدم الولاء المطلق لحكومة المالكي وهو ما جعل عناصره يهربون في ملابس مدنية من المواجهة. وهو ما يعيد إلى الذاكرة نفس السيناريو الذي فعله العسكر اثناء دخول القوات الأمريكية إلى داخل مشارف بغداد لاسقاط صدام حسين.كما أن الحالة الاجتماعية قد تشبعت بالكراهية لممارسات رئيس الوزراء. ولكنها في جانبها الديني أيضا قد حملت غضباً شديداً عند الكثير من الطوائف عندما طالب نوري المالكي في وقت سابق بأن تكون كربلاء هي القبلة البديلة للمسلمين!وهو خروج (عبيط) وغير عقلاني لا يؤهل شخصاً بهذا المستوى من الفكر أن يحكم العراق مهما كان مذهبه.
هنا يمكن القول: إن الأوراق قد اختلطت في العراق واستثمرتها داعش والجماعات المتطرفة وكذلك شريحة كبرى داخل المؤسسة العسكرية والمدنية نتيجة الاحتقان ضد نوري المالكي الذي قلت إنه يتحمل مسؤولية فتح الأبواب لاستنساخ التجربة السورية.. ولكن بصورة أكثر خطورة على العراق في حاضره (التعيس) ومستقبله المهدد بعواصف لن تتوقف عند سقوط حكومة رئيس الوزراء. غير أن الأكثر خطورة أيضا هو أن تنجح الجماعات المتطرفة في تحقيق أهدافها. ومن ثم عقد صفقات مع نظيراتها من المنظومات وصولاً إلى تهديد أمن واستقرار المنطقة تحت عنوان (دولة الخلافة المزعومة) خاصة في ظل موقف أمريكي يريد أن يرى مسرحاً عربياً يتقاسم الأرض والدماء.وذلك من خلال رسم خارطة لم تكن كونداليزا رايس هي التي أعلنتها في السابق. ولكنها انطلقت من إعلان جورج بوش الابن الذي قال يوماً وهو في الحكم:”سنعمل على نقل معارك الإرهاب إلى الشرق الأوسط وهو ما حصل بالفعل.
ويبقى (المايسترو) الأمريكي في (منصة) الانتظار لرؤية (من يدعش من؟) قبل التوقيع على خارطة التضاريس!!.
التصنيف: