(ملفات ديبلوماسي) عراب الخارجية

• حاتم طالب المشهدي

لم اعرف عنه الكثير! سوى أن الغرب يذكره في كل مناسبة تتعلق بالشرق الأوسط مستشهدين بمقولاته! مما دفعني للسؤال عن أطروحاته! فلم اجد الجواب الشافي إلا من البروفيسور طلال عارف عندما شرح لي (خطورة ودقة) رسم سياسة المملكة العربية السعودية إقليميا ودولياً في (عالم اسلامي) مترامي الاطراف.. يحّتم عليك ظهورا تقليديا محافظا في كل مناسبة ومحفل! في مقابل (مجتمع دولي) يدعوك لإثبات توجه معاصر في كل مؤتمر وقمة.ناهيك عن دول الجوار! وما ادراك ما دول الجوار؟ الذين يسارعون لإشراكك فى كل مشكلة سياسية واقتصادية تعصف بهم.. وكلهم عشم إخوة في أخيهم الأكبر.
لم اعلم أن سفينة (السياسة الخارجية) متنازع عليها بين التيارات الدولية! فما أن تحدث حادثة إقليمية، حتى تجد المتناحرين يطرقون بابك.. مستبشرين بانحيازك! مما يفرض عليك الإبحار في مياه شديدة التقلبات، صعبة المراس.. حتى على أعتى المخضرمين في عالم الديبلوماسية الفعالة.
نجح سعود الفيصل في رسم سياسة دقيقة للسعودية (ترضي/ أو تلجم) متطلبات التوجهات الدولية! سياسة تحالفات تحتاج الى (تحديث مسار يومي) مع كل حادثة وعارضة تصيب منطقة الشرق الأوسط (شديدة التقلبات.. عصية التوقعات… صعبة الموائمات).
أسس سعود الفيصل مبدأ الموازنات الاستراتيجية فور توليه حقيبة الخارجية بعد مقتل والده جلالة الملك فيصل رحمهما الله منتصف السبعينات… تلك الفترة الحرجة وما حملته من سحب بركانية عصفت بمنطقة الشرق الأوسط (قطع إمدادات النفط – تحول إسرائيل من دولة مدافعة عن حدودها الى دولة هجومية تهدد باحتلال اجزاء من دول الجوار- الحرب الأهلية في لبنان- وأخيراً سياسة احتواء تصدير الثورة الايرانية التي أطاحت بالملكية عهد شاه ايران.
أعاد سعود الفيصل رسم بروتوكولات السياسية الخارجية للمملكة دون أن يربطها (بالادوات الاقتصادية) التي تلجأ لها الدول المفلسة دبلوماسياً.. فتسارع للمقاطعة الاقتصادية وما تجره على (الأسواق المحلية) من تأثيرات سلبية.
كان سعود الفيصل (عقلا سياسيا ناضجا) سابقا لعصر لعب دور الأب المحافظ خلال (مراهقة شعب) يدعو باستمرار لمقاطعة (المجتمع الدولي) عقب كل حادثة تحدث في الشرق الأوسط!
أتمنى أن يتم تدريس استراتيجياته واطروحاته في المناهج بعيداً عن اسلوب (التطبيل والتملق) الذي يستخدمه الكثير من الكتاب تخاذلا وتكاسلا عن البحث في سيرة رجل يعتبره العالم اسطورة في عالم الدبلوماسية والسياسة الخارجية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *