مكارم الأخلاق
سئل حكيم: ماهو اكثر شيء مدهش في البشر؟ فاجاب “يضيعون صحتهم ليجمعوا المال ثم يصرفون المال ليستعيدوا الصحة، يفكرون بالمستقبل بقلق وينسون الحاضر، فلا يعيشون الحاضر ولا المستقبل، ويعيشون كما لو انهم لن يموتوا ابدا، ويموتون كما لو انهم لم يعيشوا ابدا”.
هذا للاسف حال البعض، وهنا نستحضر مكارم الاخلاق الذي من اجلها جاءت الرسالة العصماء لنبي الرحمة المهداة صلوات الله وسلامه عليه. فمن اراد ان يقدم المثال الحسن عن ديننا الحنيف وقيمنا فلا اصدق من التقوى ومعاملة الناس برحمة ومحبة، ويخطئ من يفصل العبادة في الاسلام عن السلوك لان جوهر رسالة الاسلام والهدي النبوي الشريف هو تزكية النفس ورفعتها بالتقوى وصدق العبادة وهذه هي غاية الله في الخلق.
ان مكارم الاخلاق من صفات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق) ودائما الحياة بخير طالما الاخلاق والشيم بخير، وفي الاخلاق من التنوع والسعة ما تشمل الكثير من الصفات التي تحبب الناس لبعضهم كالصدق والامانة وحب الغير وحب الخير لهم وتجنب الايذاء والغيبة وفحش الكلام، والحرص على المودة. فاعظم البشر اخلاقا هم الانبياء، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، وامر اصحابه رضوان الله عليهم ان يتزينوا بصالح الاخلاق واحسنها (ما من شيء يوضع في الميزان اثقل من حسن الخلق وان صاحب حسن الخلق ليبلغ درجة صاحب الصوم والصلاة..).
والاسلام لم يشرع العبادات كشعائر مجردة من المعنى والمضمون، بل ان كان عبادة تحمل في جوهرها قيمة اخلاقية، لا قيمة من ادائها الا اذا اقترنت بالصدق وبفضائل الاخلاق فتنعكس على سلوك المسلم وشخصيته وتعاملاته مع الغير، وايضا فيما يرسمه لشخصه من خطوط مستقيمة، يحرص على الالتزام بها ولا يحيد عنها.
ان العبادة هي علاقة العبد وربه، اما السلوك فهو علاقة الانسان بالناس. ولابد ان تنعكس الاولى على الثانية بروح المودة والطيبة والفعل. قال تعالى: (ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر).
ان الخصال الطيبة قوت للقلوب وحياة للنفوس وهو ما يريده سبحانه لعبادة، اما الشيطان فله مآرب اخرى بتدني النفس، وقد قال تعالى في محكم آياته (الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم) لذا فان حب الذات من الطبائع الانسانية التي تعكس صفة غير حميدة، اذا زاد حب النفس عن حدة وتمكن من صاحبها الذي يتحول من حب الخير الى غلق ابوابه، وفي هذا طغيان للشح والانانية، وبذل المال على حبه هو من مكارم الاخلاق، قال سبحانه وتعالى “ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة” وهكذا واولى القيم التي حرص الاسلام على تعميقها في وجدان افراد المنجتمع هي التآخي بينهم..
للامام الشافعي:
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
الا التي كان قبل الموت يبنيها
فان بناها بخير طاب مسكنه
وان بناها بشر خاب بانيها
للتواصل 6930973
التصنيف: