معا للمستقبل ..الحكومة.. والاختبار الصعب

Avatar

[ALIGN=CENTER][COLOR=blue]علي هاشم[/COLOR][/ALIGN]

* ضربت الأزمة المالية والاقتصادية العالم كله بدوله الغنية والفقيرة.. وإن كانت الأخيرة – مثلنا – أكثر تضرراً وخسارة.. ومؤكد أنها سوف تستغرق وقتاً أطول في علاج واحتواء توابع الزلزال المدمر وما أكثرها وأخطرها!
وسريعاً تحركت دول العالم أجمع.. كل بطريقته الخاصة وبأسلوبه الذي يراه الانجح لمواجهة الأزمة العاتية.. وكانت أمريكا العظمي علي رأس الدول التي اعترفت بالأزمة وأقرت بالتحديات الكبيرة الصعبة التي تواجهها وهي زعيمة العالم والقطب الأوحد الأعظم وطرحت إدارتها الجديدة أكبر خطة إنقاذ مالي في تاريخ الولايات المتحدة تقدر بنحو 787 مليار دولار.. ومع ذلك أعتبرها الرئيس بارك أوباما مجرد بداية وإجراء أولي في سلسلة إجراءات طويلة للنهوض بالاقتصاد الأمريكي الذي يوشك علي الانهيار ومحاولة إنعاشه من جديد.
* وطبعا لم تكن الدول العربية وعلي رأسها مصر بعيدة عن الأزمة وتداعياتها الخطيرة حيث بدأ الخناق يشتد عليها وتوابع الأزمة تتدفق يوماً بعد يوم كالإعصار الذي يأكل الاخضر واليابس إلي ان اعترفت الحكومة المصرية أخيراً بوجود أزمة وتراجع معدل النمو إلي 4.1% وارتفاع نسبة البطالة.. وأصبح أهم تحد للحكومة في علاجها لتداعيات الأزمة وقف خطط الشركات لتسريح العمالة بعد ان تأكد رسمياً أن هناك 83 ألف عامل علي الأقل قد انضموا إلي طابور العاطلين الطويل خلال ثلاثة أشهر فقط!
* والأزمة في مصر موجودة ومحسوسة ولا يجب ابداً ان نقلل من خطورتها وهو مادعا وزير المالية يوسف بطرس غالي إلي وصفها بأزمة «مهببة».. وقال وزير التجارة والصناعة «إن الأسوأ قادم».. أما الدكتور نظيف رئيس الحكومة فمازال متفائلا وأكد أمام البرلمان بكل ثقة ويقين ان مصر لن تتأثر بالأزمة المالية إلا في حدود ضيقة وعلي أنشطة محدودة مثل السياحة والصادرات وعائد قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج!
* ولا أعرف.. كيف تتأثر بلادنا علي كل هذه المحاور الرئيسية والحيوية التي تشكل اغلب مواردنا ونقول إن الوضع مازال جيداً.. وعلي النقيض جاءت تصريحات الدكتور مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الأسبق ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أكثر واقعية حيث أكد ان مصر تأثرت بشكل كبير مثلما تأثرت غيرها من دول العالم وأن اعتراف حكومتنا بالأزمة جاء متأخراً.. ومعدل الاستجابة لها كان بطيئاً إلي حد كبير!
* والتحدي الكبير أمام الحكومة – في رأيي – هو كيف توقف قطار تسريح العمالة في القطاع الخاص.. وأعتقد انها لكي تنجح في ذلك مطالبة باتخاذ اجراءات فعالة وسريعة مثل زيادة حجم الانفاق وضخ استثمارات كبيرة وإقرار المزيد من التخفيضات والحوافز الجمركية والضريبية.
وعلاج الأزمة في كل بلد يختلف عنه في الآخر وفقا لظروف وإمكانيات وموارد كل بلد.. وهذا يتطلب – بلاشك – من وزراء الحكومة طرح رؤي وأفكار جديدة وعملية وحلول غير تقليدية للتقليل من تداعيات الأزمة إلي ان تنتهي علي خير!
* وفي المقابل.. نجد الحكومة مطالبة بدور رقابي مهم عليها ان تتبناه بقوة وتظهر – العين الحمراء – للمتاجرين بأقوات الشعب الذين يستغلون الأزمات لتعطيش الأسواق ورفع الأسعار وتحقيق ارباح طائلة.. فرغم انخفاض الأسعار في كل بلدان العالم.. إلا ان الاسعار عندنا في مصر مازالت مرتفعة.. وتزيد ارتفاعاً من يوم لآخر.. يستوي ذلك علي المواد الغذائية والبترولية التي لم تتزحزح للوراء مليماً واحداً رغم انخفاض أسعار البترول عالمياً لتصل إلي 40 دولاراً للبرميل.. ايضا اسعار العقارات هي الآخري في تصاعد مستمر رغم انخفاض اسعار مواد البناء عالمياً بنسبة وصلت في بعض الدول إلي 50% وجاء ارتفاع اسعار الاسمنت الجنوني ليزيد – الطين بلة – ويجعلنا في دهشة وحيرة من أمرنا وهو مادعا مجلس الشوري قبل الشعب إلي مناقشة هذا اللغز المحير.. وقال رئيس المجلس صفوت الشريف إن إنفلات أسعار الأسمنت في السوق المصرية قد أضر بالمواطنين والدولة محذراً من ان السوق الحرة لاتعني الفوضي في الأسعار علي حساب المواطنين وتساءل الشريف في ذات الوقت: إذا كانت الأسواق العالمية تشهد انخفاضا في كل المجالات.. فلماذا ترتفع الاسعار في مصر.. وهي رسالة مشددةيطلقها رئيس مجلس الشوري وأمين عام الحزب الوطني للحكومة لعلها تصحح من أوضاعها وتستخدم صلاحيتها في ضبط إيقاع السوق بالشكل الذي يؤدي إلي استقرار الأسعار.. أما التحدي الأعظم امام الحكومة فهو الآثار الاجتماعية الخطيرة للأزمة وهو مايدعونا ايضا إلي مطالبة الحكومة بوضع خطة عاجلة للانقاذ الاجتماعي لتتوازن مع خطة الإصلاح المالي والاقتصادي.. فمجتمعنا المصري يعج ويئن بمشكلات وأزمات كثيرة متعددة ومتنوعة.. فهناك مشاكل البطالة والإسكان والعشوائيات وماترتب عليها من مشاكل اجتماعية أخطر تهدد الأسرة المصرية مثل الطلاق والعنوسة وهروب البعض للعمل في الخارج.. وكل ذلك يشكل في النهاية خطراً داهماً يقوض عملية التنمية الاقتصادية برمتها.. فأي حل اقتصادي لايمكن ان يتم وينجح مادام المواطن يعاني من عدم الاستقرار وتوتر نفسي وعصبي وخوف من المستقبل مما يشغله عن الانتاج والعمل.. إذا كان له عمل!
فعندما تتدهور الأوضاع الاقتصادية فلا بد ان يواكبها تدهور في الاوضاع الاجتماعية وهو مايجب ان تدركه الحكومة جيداً وكافة قوي المجتمع المدني وكلهم مطالبون بالتعاون وتضافر الجهود لوضع حلول علمية لعملية الانقاذ المالي والاجتماعي.. أو علي الأقل منع تفاقم الأزمة والحيلولة دون تزايد خطورتها أكثر وأكثر.
* وهنا نتساءل.. هل وضعت أو فكرت الحكومة من الأساس وهي تطرح برنامجها العاجل للانقاذ المالي والاقتصادي في كل هذه القضايا والمشكلات التي تنذر بخلل اجتماعي يستوجب العمل سريعاً ومسابقة الزمن لتصحيحه وعلاجه وربما يكون ذلك قبل علاج الخلل الاقتصادي نفسه.
* ووسط حالة التشاؤم التي تسود العالم كله مع استمرار الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة.. هناك فرص وبوادر أمل وطاقة نور للأمة العربية وتحديداً دول الخليج وهذا مايجعلنا ننظر بتفاؤل رغم تداعيات الأزمة حالكة السواد من خلال ما تملكه هذه الدول من – وفرة مالية هائلة – قادرة علي تمويل عشرات ومئات المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية باستخدام احدث التكنولوجيا العالمية.. الأمر الذي ينعش الاقتصاد العربي خصوصا وان هناك دولاً أخري تمتلك القوي العاملة المدربة الماهرة.. وثالثة غنية بالأراضي الشاسعة الخصبة.. ورابعة لديها موارد طبيعية وثروات معدنية كبيرة.. فإذا مانجحنا في توظيف كل هذه الامكانيات في إقامة مشروعات إنتاجية مستثمرة في الدول العربية.. فمن الممكن.. بل حتماً سيساهم ذلك في سرعة علاج الأزمة المالية ويقود إمتنا العربية نحو انطلاقة جديدة وتتحول إلي مارد اقتصادي وإنتاجي وليس مجرد زبون أو عميل أكثر استهلاكاً واستيراداً في العالم وهو مايجعلها قوة كبيرة لا يستهان بها.
* أقول.. في ظل هذه الأزمة المالية الخانقة.. أمامنا فرصة كبيرة للتقدم والنمو شريطة ان نستغلها – كعرب – ولو حدث ذلك.. سنتقدم إلي وضع أفضل علي خريطة العالم.
* وفي كل الأحوال.. فإن نجاح حكومة الدكتور نظيف تتوقف علي ما تتخذه من اجراءات فاعلة وسريعة لوقف تراجع النمو والبطالة والصادرات والاستثمارات الاجنبية والعربية.. وايضا ضبط اسعار السلع والخدمات ومنع ارتفاعها فهذا وقت الامتحان الحقيقي والصعب.. وفي الامتحانات.. تكرم الحكومات أو..!!
الجمهورية المصرية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *