مع نجيب محفوظ .. علي المقهي(٢)

• هبه عبد العزيز

(الشيخ عجاج) علمني الوطنية واللغة العربية
أستكمل معكم اليوم قرائي الكرام حواري الخيالي في جلستي علي مقهي “بترو” بالإسكندرية, مع من لا تزال حروفه تنبض في قلبي وعقلي معا ,المبدع الرائع نجيب محفوظ.

وحاولوا أن تتذكروا معي … فقد كنا نتحدث عن المثل الأعلى ودور القدوة في حياة أديبنا الكبير….وكنا قد توقفنا في المقال السابق عند بداية حديثه لي عن ا/عجاج مدرس اللغة العربية أو (الشيخ عجاج ) كما كان يقول ، ويستكمل أستاذي : وبمناسبة حديثنا عن الشيخ عجاج …تعرفي يا هبه ما هو سر اهتمامي باللغة العربية؟ فقلت له على الفور وأنا كلي حماس وآذان صاغية : مهتمة جدا أعرف …

وبادرني هو بالرد بصوته المميز المصحوب بابتسامته الهادئة: سأعيد عليك نفس ما قلته من قبل ل “رجاء النقاش” عندما كنا نتحدث في نفس الموضوع , هناك عدة أسباب جعلتني أحب لغتنا العربية وأهتم بها لعل أهمها أنها لغة عامة و قومية ودينية وغير ملفقة , وقد أحببت أن أعطيها نوعا من الحياة وأعمل علي تقريبها لأذهان الناس, ولذلك حاولت الابتعاد عن استخدام الألفاظ الصعبة التي تزخر بها, و استبدلتها أحيانا ببعض الألفاظ العامية , وبخاصة التي لها أصول في العربية الفصحي.

وسأعود معكي للشيخ عجاج … الذي كان له فضل كبير في إتقاني لقواعد اللغة , ودعيني أخبرك أن أساتذة اللغة العربية في تلك الفترة كانت لديهم مقدرة هائلة علي تبسيط قواعدها للتلاميذ, ولذلك تجدي أن أغلبيتهم – اي التلاميذ – لديهم تفوق واضح إذا ا ما قورنوا بمستوى التلاميذ الآن….( وقد اتسعت حدقة عيني وأنا صامتة تماما إلا من ألف وألف علامة تعجب تكاد أن تنطق وتنطلق من وجهي) …

ويستطرد أستاذي : وقد كان الشيخ عجاج معجب بأسلوبي في كتابة موضوعات الإنشاء, وكان من أوائل الذين لفتوا انتباهي إلي جمال التراث العربي وروعته وثرائه, ففي دروس البيان كان غاليا يستشهد بأبيات شعرية و بحكايات ليست في المقرر الدراسي, و عندما كنت أسأله عن مصادرها فكان يدلني علي أمهات كتب التراث العربي , وقد كنت أذهب إلي مكتبات خان الخليلي لأبحث عنها.

ويتوقف للحظات … ثم يسألني: تحبي تشربي قهوة ؟ وأبتسم له وأنا أشكره جدا قائلة : حسنا سأطلب شاي أخضر, وأتأمله وهو ينظر للجرسون حتي يأتي (فقد كان من عاداته أنه لا ينادي علي الجرسون أبدا، بل كان يكتفي بالنظر إليه حتي لا يزعجه بالنداء كما كان معروف عنه) …

وقبل أن يشعل السيجارة يتذوق وش قهوته السادة أولا كعادته أيضا (وقد كانت تلك السيجارة الثالثة الأخيرة لأديبنا في تلك اليوم, فعلي الرغم من أنه مدخن ومدخن قديم إلا أنه لم يكن ليدخن أكثر من ثلاث سجائر في اليوم الواحد, فقد كان للسيجارة عنده مزاج خاص جدا,لا يدخنها إلا عندما يشتاق إليها كي يستمتع بها مع القهوة).

ولا زلت أجلس علي المقهى مع نجيب محفوظ … أستمع وأستمتع ببقية حديثه عن الشيخ عجاج ودوره في تنمية الحس الوطني لديه.

[email protected]
Twitter: @Heba_elmolla

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *