مع الشيخ القرني في الغربة

طلال محمد نور عطار

في المقال الذي كتبه (الشيخ عائض القرني) في مرحلة علاج الركبتين في مدينة باريس نقل ما اعتاد بعض من يزور ديار الغرب ان يطلق خياله لبعيد بلا ضوابط عما وجدوه هناك من متع الحياة. ومستلزماته الحياة العصرية، والحسرة على عدم وجوده في بلدانهم، يرددون عبارة: وجدنا الاسلام ولم نجد المسلمين!
اما الشيخ (عائض القرني) فابتدع وردد: أجد كثيراً من الاحاديث النبوية تطبق هنا! يقصد هنا فرنسا!
واضاف شارحاً ما يراه: نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف الطريق وانت جالس في سيارتك!
وتابع: نمشي في الشارع والامطار تهطل علينا فيرفع احد المارة مظلته على رؤوسنا.
نزدحم عند دخول الفندق او المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف!
ما ذكره الشيخ القرني قد يكون حالة خاصة ولا يمكن التعميم والحكم على المجتمع الفرنسي بأسره وكذلك الحال بالنسبة لمجتمعاتنا العربية والاسلامية فهناك اناس افضل بكثير مما وجده الشيخ القرني في فرنسا!
وما ادهشني في مقارنته غير موفقة بين حضارة العرب وحضارة فرنسا خاصة وانه جاءت على هيئة تعميم وليس على فئة او فئات معينة من اطياف المجتمعات العربية والاسلامية اذ اشار الى ان المجتمع عندنا وفي البلاد العربية لم يخصص او يشير الى كلمة بعض، وانما عمم: بلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها فترة من حزن في كبر وزهق ونزق وقلق وضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة! مدللا: نجد في غالب سياراتنا عصا وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين.
واضاف: وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة! وكلما قلت: ما السببت؟ قالوا: الحضارة ترقق الطباع!
هذا ليس بصحيح لان من يضع الهراوات في مركباتهم اقلية وليس باغلبية يقيمون على اطراف المندن وفي القرى والهجر، والسبب الدفاع عن النفس! اما في البلدان الاوروبية، وعلى وجه الخصوص في فرنسا، فيضعون مسدسات في مركباتهم تحسباً لاي طارئ سواء في داخل المدينة او خارجها!
اكتفى بما جاء في مقالة (الشيخ القرني) في فرنسا، واشير الى ما شعرت به – وانا – اقرأ ما دونه وهو في بلاد الغرب ونقله الينا دون أن يشير الى اسباب وجود النجتمع الفرنسي بما نقل عنه من رقي حضاري، رغم ان بعض مجتمعاتنا العربية والاسلامية موجود ما جاء في وصف الشيخ القرني!
واما اسباب وجود ما ذكره هناك ولم يجده هنا – عندنا – فيعود الى اهتمام الحكومات المتعاقبة هناك الى البحث عن كثب ما يعانيه (المواطن) مثل: السكن متوفر، الاراضي اسعارها معقولة، الايجارات غير مبالغ فيها، الاثاث، قطع غيار السيارات متوفرة واسعارها مناسبة، ولا يوجد قطع غيار تجارية واخر اصلي كما ان اجر تركيبها غير مغالاة فيها، الاغذية مراقبة حتى انواع المحسنات المضافة الى الخبز او الاجبان او المشروبات (المرطبات) لا زيادة ولا تلاعب في المواسم او سواها كل شيء سائر وفق انظمة صارمة وقوانين ناجزة بالاضافة الى امتلاك كل الجهات بنسخ منها او تجدها في كتيبات ومنشورات معلقة على جدران الورش والمتاجر والبقالات، وهناك اجهزة مراقبة دورية واماكن مخصصة للمراجعين، وارصفة الشوارع والطرقات والتشجير وكراسي خاصة على امتداد الارصفة، وموضوعة بطريقة مناسبة مع دورات المياه نظيفة متوفر فيها لوازن النظافة من ورق وصابون.
والظلم غير مستشرٍ كل يأخذ حقه بقوة القانون والنظام، كالمتقاعد يأخذ حقه تماما من رواتب تشجيعية وزيادات متعددة مع علاوا في تصاعد عاماً بعد عام، بالاضافة الى مزايا كثيرة يتمتع بها كالتأمين الصحي الشامل، وتذاكر مخفضة ونوادي ترفيهية.. القائمة طويلة.
هكذا يقومون بواجباتهم فكيف لا ينعكس على الفرد والاسرة والمجتمع، وينتج واقعاً كما وجده الشيخ القرني: رقة الحضارة وتهذيب الطباع ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، حسن التأدب مع الآخر، اصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة.
للتواصل ناسوخ
0201678952
ص ب 54032 جدة 2152

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *