[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

تباينت الرؤى حول نتائج القمة العربية الاعتيادية الـ 24 التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة يومي 25 – 26 مارس 2013 .. ولعل جولة متعمقة أو حتى سريعة عبر (الويب ) تجعلك كمواطن عربي , وليس حتى مراقب أو مهموم بالشأن السياسي , تجعلك تنتقل في كل مرة من مرات قراءتك , بين طرفي نقيض من التحليلات التي شخصت نتائج تلك القمة.وستكتشف بدون الحاجة إلى كثير ذكاء , إلى أن شيئا من ( الهوى ) كان له علاقة في قراءة نتائج القمة عند هذا الكاتب أو ذاك , تزيد قليلا أو تنخفض بحسب درجة علاقته بمركز القمة , الأمر الذي يفقد الكثير من تلك التحليلات القدرة على نيل ثقة القارئ لها , وتجعله في تيه وحيرة , كمن يصرخ مستنجدا بمن لديه رؤى محايدة , مستقلة , وموضوعية .
في القمم الأوربية على سبيل المثال , لا يحدث شيء من هذا الذي نراه في الصحف العربية , قبل وأثناء وبعد القمم العربية , ليس لأن الصحف الغربية ذات استقلالية صريحة عن حكومات بلادها , وليس لأن المناخ العام هناك يحفل بسقف عال من حرية الرأي وحسب , بل لأن معظم الكتاب في الصحافة الغربية لديهم التزام مهني وأدبي مع القارئ , ولذلك فهم يتهيبون بل ويحترمون عقلية من يقرأ لهم , وبالتالي فهم يقدمون له الواقع بكل شفافية أو قريبا جدا منه .
اللافت أن في العالم العربي رهطا من الكتاب يتطوعون من عند أنفسهم , ومن دون أن يطلب منهم أحد , فترى الواحد منهم يبالغ في المديح بشكل ربما يؤثر سلبا على الجهة التي يمتدحها , مما قد يجعل مديحه المفرط يتحول إلى قدح لتلك الجهة من حيث لا يدري , خصوصا وان المتلقين اليوم ليسوا هم متلقي الأمس , فقد انفتحت الأمم على بعضها وتلاشت الحدود , وتعلم الناس من بعضهم وفهموا ما يجري هناك وهنا .
اللافت كذلك أن ثمة من أفرط في التشاؤم من نتائج قمة الدوحة الأخيرة , بحسب ما قرأت في مواقع فلسطينية تحديدا متهما القمة باتخاذ ( قرارات \”رفع العتب\” بديلا عن \”قرار التحرير\”) كما جاء في عنوان واحد من تلك التحليلات , بينما ورد داخل النص هذا المقطع : ( لم تتناغم – أي القمة – مع \”المرحلة الثورية\” وهتافات الشعوب فيما يخص القضية الفلسطينية، فكانت بمجملها تكراراً لقرارات باهتة لم تلق حيزاً للتنفيذ على الأرض أو أنها ليست فاعلة .
وفي كل الاحوال فانه يظل من المدهش أن يصل ( التباين ) في التحليلات أمام حدث عربي واحد إلى هذا الدرجة من الاتساع والتضاد , الأمر الذي يعكس بجلاء ديمومة أزمة الصحافة والرأي في عالمنا العربي , كجزء من مشكلة الإنسان العربي مع نفسه أولا قبل أن تكون مشكلته مع الآخر .وهنا أتساءل بمرارة .. أما كان الأفضل والأجمل والأشرف أن تكون كتاباتنا نحن العرب أكثر تحريا للعدالة في تحليل الحدث – القمة العربية مثال فقط – دونما افراط أو تفريط , ولماذا يقفز بعضنا على العدالة وهي من صميم عقيدتنا الإسلامية ؟ .. ولماذا لا نتعلم من الآخر كيف نكون أكثر مهنيّة وعدالة ؟ .. ألم يكن في قمة الدوحة الأخيرة عدد من الجوانب المشرقة , مقابل أنه كانت فيها طموحات لم تحقق – وهذه حقيقة معلومة – لكل أحد .
أيها المداحون والمبالغون : ارحموا قلوبنا واحترموا عقولنا .. ويا أيها المنتقصون والمجحفون : لا تبخسوا الناس أشياءهم .. وَأَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *