مجلس الشورى .. هل رأيتموه؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]خالد عوض العمري[/COLOR][/ALIGN]

ربما لا يعرف المواطن عن مجلس الشورى سوى بعض المعلومات التي ينقلها الإعلام بين فترةٍ وأخرى,هذه المعلومات التي تتعلق بالمصادقة على بعض الاتفاقيات في الشأن الثقافي مع بعض دول القرن الإفريقي,وتصديقه على الحسابات الختامية لبعض الوزارات بعد سنواتٍ من صرفها وانتهاء خطتها الخمسية, ولا أنسى كذلك بعض اتفاقيات التعاون في الشأن الرياضي والشبابي مع دول شبه القارة الهندية لتطوير مستوى الرياضة لدينا. وهذا الجهل من قبل المواطن بدور مجلس الشورى العظيم وعمله الكبير الذي يقوم به لتحسين ظروف معيشة المواطنين وتوفير أسباب الحياة الكريمة, لهم ليس بسبب تقصير مجلس الشورى – لا سمح الله – وليس بسبب غياب تأثيره – لاقدر الله – وإنما نشأ هذا الجهل بسبب كسل المواطنين وعدم رغبتهم في المعرفة والبحث والتنقيب عن آثار هذا المجلس العظيم الذي يشاركهم همومهم وأحلامهم ويقتسم معهم لقمة عيشهم. ولكي ينجح مجلس الشورى كل هذا النجاح العظيم كان لا بد من توافر ركنين أساسيين وهما الصلاحيات الممنوحة له وكفاءة أعضائه, وهنا يجب التفريق بين الصلاحيات الممنوحة والصلاحيات المستخدمة من قبل الأعضاء كما يجب التفريق بين كفاءة عضو الشورى قبل أن يتم تعيينه في المجلس وبعد أن تم ذلك.
والحقيقة أنّ الصلاحيات الواسعة التي حصل عليها مجلس الشورى في السنوات الماضية كانت كفيلةً بنقله من مجلس صوري مهمته البصم والتوقيع إلى مؤسسةٍ تشريعية تساعد صاحب القرار وتمكنه من إصدار التشريعات الضرورية لمواكبة متغيرات العصر المتسارعة,وهذا هو مايأمله صانع القرار من المجلس وماينتظره المواطنون كذلك,ولكن المتابع لعمل مجلس الشورى في السنوات الماضية سيلحظ أنّ المجلس لم يقم بحقه الواجب في استخدام الصلاحيات التي منحت له في جانب التشريع وسنّ الأنظمة وفي جانب المحاسبة والرقابة,بل ربما ضاق صدر المجلس بهذه الصلاحيات وتبرم منها وذلك لأنّها تجعل تبعة التقصير تطاله وحده,فقبل هذه الصلاحيات كان المجلس وكثيرٌ من أعضائه يبررون تقصير المجلس وعجزه عن مواكبة تطلعات المواطنين بنقص الصلاحيات وعدم الاختصاص بكثيرٍ من القضايا,ولكن بعد منحه الصلاحيات سقطت هذه الحجة ولم يعد من المعقول أن تستخدم كعذرٍ للتقصير,ولكي تتضح الصورة فمن الواجب القول إنّ المجلس لازال يحتاج لمزيدٍ من الصلاحيات ولاشك,؟؟؟؟؟؟؟؟ولكن يجب عليه في المقام الأول أن يستخدم كامل الصلاحيات الممنوحة له قبل أن يطالب بصلاحياتٍ إضافية,فليس من المعقول أن يتخلى المجلس عن حقه الواجب في تفعيل الصلاحيات الممنوحة له واستخدامها ثم ينشغل بالمطالبة بمنحه المزيد من الصلاحيات. ومن المبررات التي يسوقها بعض الأعضاء في المجلس كسببٍ للتقصير هي النقص الكبير في طواقم الموظفين والباحثين الذين يجب توفرهم لكل عضو,ففي كثيرٍ من برلمانات العالم يصل موظفو كل عضو إلى العشرات وربما المئات وذلك لكي يكون لدى العضو فريقٌ مكتمل يقوم بالبحث والاستطلاع واستخلاص النتائج ودراستها وتحليلها, مما يمكن العضو من تقديم مشاريع القوانين بناءً على دراساتٍ مستفيضةٍ ومنهجية,وهذا الكلام وإن كان صحيحاً إلاّ أنّه ليس مبرراً للتقصير في عمل الأعضاء وإنتاجيتهم فمن الواجب عليهم بدلاً من الشكوى فقط من نقص الموظفين وحاجة فريق العمل إلى مزيدٍ من الموارد البشرية والتقنية أن يطالبوا بطاقمٍ وظيفي يعينهم على أداء عملهم ويمكنهم من تحمل الأمانة, وليس الوطن خالياً من الكفاءات القادرة على أن تضيف الكثير متى ما أتيحت لها الفرصة لكي يكون عذر نقص الموظفين وقصور فريق العمل عذراً مقبولاً.وهناك من الأعضاء من يتهم بعض الوزارات بعدم التعاون مع المجلس بل إنّ بعض هذه الوزارات ترفض أن يطلع المجلس على ميزانياتها وأوجه الصرف فيها وخططها المستقبلية,وهنا على المجلس أن يقوم بدوره النظامي والقانوني بالرفع إلى المقام السامي عن هذه الوزارات غير المتجاوبة معه كما نص النظام على ذلك.
فيما يتعلق بالأعضاء الكرام للمجلس وكفاءتهم وتمثيلهم لمختلف المناطق في المملكة فهذا أمرٌ واضح,ففي كل دورةٍ وحينما يتم تعيين الأعضاء فإنّ المتابع يستطيع أن يدرك بسهولة واعتماداً على السيرة الذاتية لكل عضو أنّ هؤلاء الأعضاء من خيرة أبناء البلد ومن النخبة العلمية في مختلف التخصصات وأنهم يتوزعون بشكلٍ شبه عادل على مختلف المناطق,ولكن من يتابع أداء الأعضاء بعد بدء الدورة الجديدة للمجلس سيشهد تفاوتاً كبيراً في الأداء لدى غالبيتهم,فكثيرٌ من الأعضاء الذين تسلموا مناصب عليا وقيادية قبل انضمامهم للمجلس كان يشار لهم بالبنان ويضرب بهم المثل في النجاح والكفاءة الإدارية,ولكن بعد أن أصبحوا أعضاءً في المجلس فقدوا بريقهم ونجاحاتهم وأصبح حضورهم لا يشكل فارقاً ولا إضافةً للمجلس!! وقد ذكر أحد كبار المسؤولين في المجلس فيما سبق أن أكثر من ثلثي الأعضاء يقضون فترة الأربع سنوات دون أن يتداخلوا ولو بمشاركةٍ واحدة!! وأستطيع الجزم أنّ غالبية الشعب السعودي لا يستطيعون ذكر أسماء عشرة أعضاء من المجلس في دورته الحالية وذلك عائدٌ إلى غياب التأثير والمشاركة والتفاعل من أعضاء المجلس,فهناك من الناس من يتحدث عن أعضاء المجلس بصفتهم أشخاصاً حققوا كل مايطمحون إليه في الحياة العملية وهم في المجلس كمن يقضي فترة إجازة تكريمية كختامٍ لمسيرته الشخصية, وبالتالي فهؤلاء الأعضاء غير مهتمين بما يجري حولهم ولا بما يفترض بهم عمله وتقديمه!! ولذلك يرى كثيرٌ من المراقبين أنّ مراعاة متوسط الأعمار والمستويات الإدارية المختلفة عند تعيين أعضاء المجلس قد يساهم في إضافة الحيوية والحراك المؤثر في منظومة عمل الأعضاء,كما يعتقد البعض أنّ قدوم كثيرٍ من الأعضاء من خلفية إدارية ذات طابعٍ حكومي مما يجعل علاقة الأعضاء الذين يمثلون السلطة التشريعية مع المسؤولين والوزراء الذين يمثلون السلطة التنفيذية علاقةً مربكةً وتخضع لكثيرٍ من أشكال العلاقات الشخصية والحسابات المتداخلة والعمل الماضي المشترك.لازال هناك من يثق بمجلس الشورى وأعضائه وآلياته ولذلك يجب أن يتطور العمل في كافة جوانبه ليحافظ على هذه الثقة وليستعيد ثقة من فقد الثقة فيه سابقاً.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *