ما نرجوه لصحافتنا
عبد الله فراج الشريف
يقول لك أحدهم عندما تكتب منتقداً بعض الأوضاع في مجتمعنا، والتي لا نختلف على أنها سيئة، لماذا لم تر سوى السلبي، ولا ترى الايجابيات وهي كثيرة، وهو في الحقيقة لم يتابع كل ما تكتب، وإلا لوجد أنك تهتم بالايجابي وتثني عليه، وتهتم بالسلبي وتنتقده، لأنه دوماً يرى أن كل ما كتبت في الشأن العام ليس مناسباً، أو ليس هذا وقته، مما يردده البعض تبريراً حتى لا يظهر أي نقد، حتى وإن كان يشرح واقعاً يتفق الجميع على وجوده، والكتابة الصحفية إن كانت لا تذكر إلا الايجابيات وتهمل السلبيات، أو لا تذكرها حفاظاً على مشاعر من أحدثوها، فإن معنى هذا ألا فائدة منها أصلاً، لأنها لم تستطع أن تقوم بمهمة الصحافة الأساسية وهي المراقبة، التي من أجلها أُطلق عليها السلطة الرابعة، بعد السلطات الثلاث المكونة للدولة: التشريعية والقضائية والتنفيذية، فهي الشريك الأساسي في بناء المجتمع المثالي، الذي تجري فيه الحياة على نسق يرقى بالمجتمع إلى مصاف المجتمعات الإنسانية الراقية، التي تحكمها دساتير وقوانين عادلة، والنقد الوسيلة الأهم للتغيير المطلوب نحو الأفضل، وما غاب النقد عن مجتمع إلا وركدت فيه الحياة، ولم تتحسن أوضاعه، بل لعلها تأخذ في التدهور حيناً بعد حين، لهذا اهتمت الأمم بالإعلام الناقد عبر كل الوسائل المقروءة والمسموعة والمشاهدة، ورأينا البرامج الحوارية التي تكشف كل ألوان السلبيات، وعن طريق هذا النقد الصريح يمكن حينئذ الوصول إلى تلافي هذه السلبيات وتعظيم الايجابيات، ومن أسوأ ألوان التبرير للواقع السيئ ولمنع نقده، هو القول إن هذا النقد ليس وقته الآن، أو أن الظرف لا يحتمله، ولو سألت القائل: ما هو وقت النقد في نظره؟، لم تجد عنده جواباً لسؤالك. ونقد أوضاع مختلفة أو نالها القصور أو وقعت بسببها الأخطاء الفادحة، لا يعني الحكم على أن سائر ما في المجتمع من هذا اللون، كما أن وجود بعض الأوضاع الحسنة في المجتمع لا يعني أن كل أحواله حسنة، وإلاً لكان كل أفراده معصومين، والنقد يكون نزيهاً مادام ليس لصاحبه غرض شخصي منه، ويعتمد على معلومات صحيحة، وهو موضوعي محايد، والمجتمعات التي اتاحت له أن يوجد هي المجتمعات التي حققت الرقي والتقدم، فهل نلحق بها؟.. هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
ص.ب 35485 جدة 21488
فاكس: 64070470
[email protected]
التصنيف: