ما الذي غاب في ذكرى النكبة
[COLOR=blue][ALIGN=LEFT]لمى خاطر[/ALIGN][/COLOR]
كان منتظراً هذا العام أن يشكّل إحياء ذكرى النكبة الرابعة والستين لفلسطين خطوة متقدمة عما جرى العام الفائت، لكنها مرّت بشكل عابر، من خلال بعض الفعاليات التقليدية في أغلب المناطق الفلسطينية، اللهم سوى تلك التي تضمنّت اشتباكات مباشرة مع الاحتلال.
أما حدود فلسطين فظلّت ساكنة، ولم نشهد شيئاً من تلك المظاهر المفاجئة التي طغت على مشهد العام الفائت، ممثلة بمسيرات العودة، وما حملته من رمزيات مهمة أعادت الروح لحقّ العودة، وكرّسته كثابت لا يقبل القسمة ولا التلاعب.
وثمة عوامل عدة أوجدت مثل هذا الإحياء الباهت لذكرى النكبة مقارنة مع العام الفائت، ولعلّ العامل الأبرز كان الانشغال المستمر خلال الشهور الأخيرة بموضوع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وتحديداً بعد الإضراب الأخير للأسرى الفلسطينيين، حيث انشغل الإعلام الفلسطيني بجميع مستوياته بالحشد والتعبئة لأجل قضية الأسرى (وهي تستحق ذلك بطبيعة الحال)، وكان الحراك الميداني مجنداً كلّه خلفها، خصوصاً أن هذه القضية باتت تتخذ أبعاداً جديدة أهمها نجاح الأسرى في كسر لاءات السجان وإجباره على الخضوع لمطالبهم.
الأمر الآخر، هو أن مسيرة القدس العالمية في ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من آذار المنصرم شغلت حيزاً كبيراً من الاهتمام، واحتاجت جهوداً كبيرة على أكثر من مستوى لإخراجها بتلك الصورة، ولعله لم يكن من السهل أو المتاح التحضير لحملة أخرى خاصة بذكرى النكبة، نظراً لقرب المسافة الزمنية بين الحدثين، سيما وأن فعاليات النكبة العام الماضي تم الإعداد لها مسبقاً وقبل عدة أشهر من موعدها، وكانت الشغل الشاغل لدى مختلف القوى والاتجاهات والمؤسسات الفلسطينية وحتى العربية والعالمية، وبدأ الحشد والتعبئة المعنوية لها قبل ثلاثة شهور على الأقل من ذكرى النكبة.
يضاف إلى ذلك أن الربيع العربي كان في أوج توهجه قبيل ذكرى النكبة من العام الماضي، وكانت الجماهير الفلسطينية والعربية حديثة عهد بحدث مفاجئ هزّ المنطقة كلّها، وهو سقوط نظام مبارك، الأمر الذي حمل مجاميع الحركات والقوى الشبابية فصائلية كانت أم مستقلة للتحمّس لمحاكاة التجربة العربية، واستلهام روحها الحاثة على مواجهة المستحيل وتحديه، ونبذ معاييره، والإعلاء من قيمة الإرادة ونفَس الإقدام لدى فئة الشباب، وهو ما يبدو أقل وهجاً هذا العام.
ورغم فهمنا للعوامل السابقة، وإدراكنا بأن إحياء ذكرى النكبة العام الماضي كان مسكوناً بطموح بأن يتطور نحو إشعال انتفاضة جديدة داخل فلسطين، وهو ما لم يحدث، وهو ما أثر سلباً على إمكانية تكرار تجربة العام الفائت أو تطويرها، رغم كلّ ذلك إلا أنه ما زال هناك أمل بأن تنجح القوى الوطنية الفلسطينية في اجتراح أنماط وأشكال للحراك الميداني تعيد روح المواجهة إلى مفاصل الجماهير، وتحيي فيها قيمة التصدي للاحتلال حيثما وجد، وحيثما كان هناك تماس معه، وتدفع باتجاه كسر حاجز الخوف والرهبة تجاهه، وعدم التسليم بإرادته أو الخضوع لسياساته، خاصة مع تبلور نماذج فلسطينية خاصة تدعم هذه الفكرة، وهي تلك التي خرجت من رحم الزنازين، وما زالت تنتظر بأن تتجلى على أرض الواقع خارج أسوار السجون.
التصنيف: