لو كان الفقر رجلا لقتلته
ماذا يعني أن تبيت جائعاً ، وتكسوك ملابس رثة ، تلتحف السماء وتفترش الأرض ، تعاني من أمراض عدة ولا تملك ثمن الدواء ، تنام في غرفة واحدة مع إخوانك العشرة ، تتقاسم معهم وجبة غذائية تفتقر للعناصر التي تقوي الجسد وتسد الجوع ،
هل شاهدت طفلا يفارق الحياة من ضنك العيش ؟ هل كنت واحداً من أصحاب المواهب والمتفوقين في مسيرتهم الدراسية ولديك الرغبة والعزيمة لنيل الشهادات العالية ، ولكن ثمة عوائق مالية تحول دون تحقيق ما تصبو إليه ، وظروف اجتماعية قاسية تجبرك على إعالة أسرتك المحتاجة والتضحية بطموحك العلمي من أجلهم.
الفقر آفة اجتماعية ومعضلة تنذر بالخطر ، إنه يعيق نمو الفرد ويؤخر تقدم الدولة ويؤدي بها إلى التخلف عن ركب الحضارة ، فالدولة الفقيرة تعيش على المعونات والمساعدات التي تقدمها المنظمات العالمية والدول الكبرى على شكل منح أو قروض .
يتهدد فيها السلم الاجتماعي وتعم الفوضى أرجاءها نتيجة الشح في المواد الغذائية والافتقار للمياه الصالحة للشرب والتقنين الحاد في استخدام الوقود والمواد الأولية الأساسية الأخرى للمواطن .
أما الانسان الفقير فيبقى تحت وطأة الحاجة وذل السؤال.. محروماً من العلم ، من الطبابة ، من السكن اللائق ، من الوظيفة المناسبة ، وغيرها الكثير من سبل العيش الكريم. ولكن ما أسباب الفقر الذي تعاني منه غالبية دول العالم ؟ :
إن حدوث الكوارث البشرية نتيجة الحروب والارهاب وانعدام الأمن ، وكذلك الكوارث الطبيعية التي تنشأ عن الزلازل والفيضانات والجفاف والتصحر قد زاد من عدد المشردين في العالم وفاقم أزمة الفقراء ،
وإن أسباباً أخرى تتعلق بالعولمة التي دمرت اقتصاد الدول النامية حيث انتقلت رؤوس الأموال منهم إلى الدول الصناعية الغربية ، وتحول ما كان يقتات عليه الفقراء إلى موائد المتخمين من أصحاب رؤوس الأموال ،هذا بالإضافة إلى أن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على بعض البلدان لأسباب سياسية وعسكرية قد أتعبت السكان وانعكست سلباً على قدرتهم الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار.
رئيس اتحاد جنوب افريقيا السابق “تابو إيمبيكي ” يقول : إن العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء ” ..هذه الحقيقة المرة التي يعيشها المستضعفون وسط هذه البحار الهائجة والمتلاطمة الأمواج ،،
حيث قلت الموارد وتقلصت الفرص وارتفعت نسبة البطالة وخرجت عن الخدمة الكثير من الشركات المشغلة والقطاعات الصناعية وتوقفت المشاريع الزراعية ،
صار لابد من ايجاد حلول جادة لإنهاء مشكلة الفقر التي تكبر يوماً بعد يوم ، ولعل القيام بمشاريع تنموية تمحي الجهل والأمية وتعلم أبناء الفقراء وتدربهم على الحرف والمهن المختلفة ستكون أهم خطوة في الطريق الصحيح ،ثم ادماجهم في سوق العمل ليصبحوا منتجين فاعلين ،
ينتقلون من مجرد متلقين للمساعدة إلى ساعين إلى الرزق يعون حقوقهم وواجباتهم الاجتماعية . ومن الحلول أيضاً ضرورة دعم الأسر المنتجة والمشاريع التي تستثمر في الطاقات والكوادر البشرية وتقدم خدمات جليلة ومتنوعة ،
وأيضاً السعي لإحياء ثقافة الوقف داخل المجتمع الواحد بحيث نحفز الميسورين مادياً على الأعمال الانسانية والتي يذهب ريعها للفقراء ، ويجب أيضاً نشر ثقافة عدم الهدر والاسراف بما وهبنا الله من نعم وخيرات والاحساس باحتياجات الآخرين ،
وهم إخوتنا في الدين أو نظرائنا في الخلق والجميع لهم حق مشاركتنا الماء والكلأ والنار يقول المولى عز وجل : (ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).صدق الله العظيم.
التصنيف: