أمل عبدالملك

قديماً كان للفن رسائل هادفة سواء كان فيلماً أم مسرحية أم أغنية وكانت الرسائل تكتب بأسلوب سهل ومحبب وينفذ إلى الفكر حتى لو كان مضمونها رومانسياً وكانت تخلو من الابتذال الذي نجده الآن في معظم الأعمال الفنية في جميع تخصصاتها، فمثلاً ما نسمعه من كلمات في الأغاني الخليجية والعربية، تسببت في هبوط للذوق العام، كما أن البعض منها يشجع على الجرأة وربما الإباحية ويفسد الأخلاق لا سيما المراهقين الذين يرددون مثل تلك الأغاني والتي يعتقدون أن ما يرد فيها هو الواقع وما يجب أن تكون عليه الفتاة أو الفتى!.
لو تأملنا في مضمون الأغاني فماذا سنجد ؟ خاصة أغاني الفنانات اللآتي يعتمدن على أشكالهن في الفيديو كليب فنجد أن مضمونها مبتذل ويشجع على الجرأة غير المقبولة من الفتاة فمثلاً أغنية تدعو الفتاة لمغازلة الشاب وملاحقته، وأغنية تنتقص من قيمة الرجل وتشطحه، وأغانٍ تدعو لمواعدة الحبيب في الليل،وأغنية تتحدث عن المحفظة المسروقة، وأخرى بها تهديد ووعيد، وغيرها من الأغاني التي تبثها الإذاعات والمحطات الفضائية يومياً، وحينما تسأل أحدهم عن لماذا اتجهت لهذه النوعية من الأغاني؟ يرد عليك الفنان أن الجمهور \”عايز كده\”، وأرفض ذلك جملة وتفصيلاً فالجمهور يتقبل كل ما يقدم له وكلما حرصنا على تقديم الأعمال الراقية فإنه سيُعجب بها وإذا ما قدمنا له الأعمال الهابطة سيتقبلها لأنها موجودة أمامه، إذًا صنّاع الفن والإعلام هم المتحكمون في الذوق العام وهم المسؤولون عن تدني المواد الإعلامية لأنهم يقبلون على إنتاج أعمال هابطة أو دون المستوى من أجل الربح المادي بغض النظر عن المضمون الراقي أو المفيد حتى وإن كان الهدف منها الترفيه أو التسلية فلذلك شروطه أيضًا، ومهما كانت الأعمال ترفيهية أو بسيطة يجب ألا تكون خارج حدود الأدب والأخلاق وعدم الاستخفاف بعقل وفكر المتلقي ومحاولة إفساد الأخلاق وتخدير الفكر العربي بالتفاهات التي تعرضها الفضائيات أحياناً.
ولا تقع المسؤولية فقط على الفنان المغني أو المقدم للبرامج بل يتشارك معه مُعد البرنامج ومؤلف الأغنية – الشاعر- الذي يجب أن يكون أكثر إحساساً بما يكتب ويستخدم الكلمات الراقية التي تعبّر عن إحساسه المرهف (المفترض)، ولكن للأسف، إن بعض شعراء اليوم يوظفون أي كلمة في أي جملة ولا يترددون في استخدام المفردات السوقية لرسم قصيدة مشوهة يتم غناؤها بطريقة ساقطة دون هدف ودون رسالة ودون مضمون هادف ولا يعيرون اهتماماً لشكل الفيديو كليب الذي ستصور عليه كلماتهم والتي قد تعطي انطباعاً سلبياً عنهم وهذا يعطي انطباعاً بأنهم يكتبون (أي شيء) من أجل المادة فقط!.
وقد تلقى مثل هذه الأغاني والأعمال الهابطة رواجاً لفترة وتحدث دوياً لأن بعض المحطات تسوق لها، لكنها بالتأكيد تختفي في فترة بسيطة ولا يعد لها ذكر،وفي المقابل كم من الأغاني والأعمال الراقية التي مازالت حية رغم مرور عشرات السنين لأن مضمونها كان راقيًا وهادفًا..ومازلنا نرددها ونتابعها رغم قدمها فالأعمال الأصيلة خالدة وتبقى لأنها تحتوي على مضمون جميل وصورة رائعة، أشعر بالأسف على شباب الجيل الحالي الذي لا يعرف كيف يتذوق الفن..فأي أغنية تجعله يرقص في نظره أنها الأفضل.
فلنرتقِ بالذوق العام ونعود للكلمة الأصيلة ونربي الأجيال الحالية على فن راق بعيداً عن الابتذال والسوقية!!!
في زمن منفتح جداً..وجرئ جداً.. نتمنى أن نرى ونسمع أعمالاً تنادي بالقيم الأصيلة وتحافظ على عاداتنا وتقاليدنا في إطار عصري، لا أن تشجع الفتاة على التخلي عن حيائها الفطري!!!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *