لجَنَّاتِ البقيعِ مَضَتْ حماتي
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الشاعر : محمد كامل الخجا[/COLOR][/ALIGN]
وأنا على سرير المرض أعاني, ما أعانيه في المستشفى, نقلوا نبأ رحيل حماتي عن الحياة, تلك السيدة الوقورة الحكيمة بين أمثل وأكمل من عرفت من النساء المثاليات الكاملات, مما ألحق بي رنة حزن عميقة, صعقت فيها روحي وهمدت, وازدادت حسرات آلامي أن حالتي المرضية في المستشفى كانت سداً منيعاً يقف أمامي حائلاً دون انداء قلبي بنفحة من إطلالتها المشرقة التي تودعني فيها حماتي, السيدة الجليلة فوزية سلامة, ولو بنظرة حانية رحيمة تغشاني رحمها الله عز وجل واسكنها فسيح جناته, وعزائي المضمخ بأحزانه إلى أسرتها الفاضلة \”آل سلامة\” وإلى أخوال أبنائي أنجالها الكرام أبناء محمد نور من آل عبدالسلام والى أهليهم أجمعين \”إنا لله وإنا إليه راجعون\”.
[poem=font=\”Simplified Arabic,4,black,normal,normal\” bkcolor=\”\” bkimage=\”\” border=\”none,4,gray\” type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char=\”\” num=\”0,black\” filter=\”\”]
تَغَشَّاها \”الرحيمُ\” وحالي في سُقام=وآلامٍ \”بمستشفى\” مَريْرة
فَلمْ أُسْهِم بتَشْييعٍ وضاقَتْ=بيَ \”الدُّنيا\” فأسْهمَتِ البصيرَة
تَبعْتُ بخَافِقيْ مَن شيَّعُوها=وَهُمْ أهْلُ وأحبابٌ وجيرَة
ووَاكبهُمْ فُؤَادي في خُشوعٍ=لجنَّاتِ \”البقيعِ\” وهُمْ غَفيرة
فكَمْ مَسَحتْ تَعازيْهِمْ دُمُوعاً=وكانت للتواصُل خَيْرَ صُورَة
وما أغْنى الحياة وفاً وورُدّاً=وكمْ تبدُو بفَقْدهمَا فقيرة
وصاحبْ مَنْ إذا قد قلت: آهٍ=تُحسُّ بأنها تكْوي ضَميرَه
سلُوا عمَّنْ فقْدنَا كيف كانت؟=مثَالاً قَلَّ مَا تلقَى نظيرَه
فَمَا عادَتْ ولا اسْتَعدَتْ وعاشَتْ=مكرَّمةً بأُسرتهَا أميرَة
فَمَنْ عَاشَ الحياةَ بلا خصَام=وأعْرضَ عنْ شُرورٍ مًستطيرَهْ
فقدْ كان الكَبيرُ بكل عَيْن=كما كانتْ بأعيننا كبيرة
وما قدرُ الحياةِ مديد عُمْرٍ=ولا جاهٌ ولا نُعْمَى وَفيرة
ولكنَّ الحياة حميدُ ذكر=يُردَّدُ في العشية والظهيرة
أُعَزِّي من بِهِمْ سَمَتْ المعالي=بمَنْ رحَلتْ وأعينُها قريرَة
وبَرُّوا وَالدَتْهُمْ خَيْرَ برِّ=فبرُّ \”الوّالديْنِ\” هو الذَّخْيرَة
أ آل \”سلامة\” قد مَاتَ غُصْن=ذوَى لكنَّه أرسَى جُذُوره
وأذْكرُ ماضياً بالمجدِ يَزهُو=ويَروي سيرةً مِنْ بعدِ سيرَة
وحاضركُمْ جميعاً في إهاب=بكلِّ الفَخْرِ سَجَّلْتُمْ سطورَهُ
لئن شَرَدَ اليراعُ عن المراثِي=وعادَ إلى الحمَى يُزكي سعيره
فذلك واجبٌ وعليه وِزْرٌ=إذا هو أَغْفَل المِحَنَ الحسيرة
ومَهْمَا قد تزاحَمَتِ القوافِي=ومَدَّ الشِّعْرُ في الدنيا بُحَورَه
ومَهْمَا لاستثارتها استجبنا=فَفَقْدُ حَمَاتِنَا مِحَنٌ حَسِيَرةْ
وكأسُ \”الموت\” شِئْنَا أم أَبيْنَا=شَرِبْنَاها ونَشْربُها مَرِيرة
ومَنْ يأمَلْ خلوداً في حياةٍ=كَمَنْ في \”نَوْمِهِ\” يبني قصوره
فأسأله إلهِي خيْرَ دارٍ=وقد لَبَّتْ نداءكَ مستجيرة
فَمَا \”فُوزِيَّةٌ\” يا ربُّ إلا=بآلِ سلامةٍ امرأة منيرة
فَطُوبى للذين مَضَوا وكانوا=مَصَابيحاً بدُنْيَاهُم منيرة
وَمَنْ إلاَّكَ يا ربي خبير؟=ومَنْ إلاَّكَ أعلم بالسريرة؟
أصيل الورد قد يغدو هشيماً=وإنْ تَشْمُمْهُ تستشْعِرْ عُطُورَهْ
وعودُ المِسْكِ قَدْ يَبْلَى احتراقاً=وَينْشُر وَهُوَ مُحْتَرِقٌ عَبِيَرهْ
فَكْنْ يا أيُّها الإنسانُ ذِكْراً=حميداً فهو سِيْرَتك الأخِيرة
[/poem]
المدينة المنورة
التصنيف: