لجنة الاتصال بين الأستاذ وطلابه

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

منذ عدة سنوات وقعت على ورقة علمية أمريكية تتكلم عن طريقة جديدة (في حينها) لزيادة وسائل الاتصال بين أستاذ الجامعة وطلابه. وقد طبقها كاتبها على طلابه، وخلاصتها أن على أستاذ كل مادة أن يطلب من طلابه أن يختاروا لجنة ثلاثية تكون صلة الوصل بينهم وبينه، مما يرفع الحرج عن أي طالب أن يقول للأستاذ أموراً قد تغضبه.
ويتم اختيار اللجنة بطرق الاقتراع المعروفة. وللجنة قواعد في علاقتها مع الأستاذ، فهي لا تجتمع معه في مكتبه كيلا يرأس الاجتماع، ولا في أي غرفة من غرف المحاضرات كيلا يشعر أن له الكلمة. وبالمثل لا يتم الاجتماع في أي غرفة تابعة لاتحاد الطلاب في الجامعة كيلا يشعر الأستاذ بأنهم يملون عليه. والاجتماع في الكافتريا أمر محبذ، إذ يسود شعور بأن الاجتماع غير رسمي، ويتم التباسط في طرح الموضوعات، مما يوحي بأن الاجتماع ودي. ولا بأس أن يقدم الأستاذ الضيافة مرة، وتقدمها اللجنة مرة، حتى يتم التعامل على أساس المساواة. ولا يجوز للأستاذ أن يعطي أعضاء اللجنة أي امتياز، كأن يعطيهم مثلاً درجات إضافية، أو يعفيهم من بعض المسؤوليات التي يطالب بها زملاؤهم.
وعلى اللجنة أن تجتمع بالطلاب قبل اجتماعها بالأستاذ، لتكون مهمتها نقل آراء الطلاب إليه وليس رأيها، ولابد من التصويت بين الطلاب على الآراء التي تُقال للأستاذ، فقد يرى بعض الطلاب أن الأستاذ سريع في إلقاء المحاضرات مما يصعب عليهم متابعته، في حين يرى غيرهم أن سرعته معقولة، وبالتالي فإن التصويت هو الذي يدلل على رأي الأكثرية، وهو الرأي الذي ستنقله اللجنة إلى الأستاذ. ولكون اللجنة تنقل رأي الأكثرية فإنها تخرج من الحرج في كلامها مع الأستاذ، ولا يشعر الأستاذ بأي شعور غاضب تجاه اللجنة، كائناً ما كان الموضوع، فهي ليست إلا ناقلة لرأي الأكثرية. أعجبتني الفكرة في حينها، وحاولت تطبيقها على طلابي في كلية الهندسة لمدة سنتين (أربع فصول دراسية)، فواجهتني عدة عوائق. في بداية طرح الفكرة كنت أرى بعض المتحمسين الذين كنت أشعر أنهم سيكونون في اللجنة، لكن ما إن أشرح قواعد اللجنة، وعدم تلقيها لأي امتيازات حتى يخف الحماس، لأن الطلاب اعتادوا في حياتهم المدرسية أن عريف الفصل له مزايا، بل وحظوة عند المدرسين كلهم. أما أن يعمل لقاء لا شيء فهذا أمر بعيد المنال، فالعمل التطوعي صار غريباً علينا، ويكرر أحدهم قول المثل: ما مصلٍّ إلا ويطلب المغفرة. وفي كل مرة كان ينتهي الأمر بألا نجد إلا متطوعا واحدا يصبح هو اللجنة. لكن ما جعلني أقلع عن الفكرة هي أنه وخلال سنتين لم أسمع غير طلب واحد مكرر، ألا وهو تأجيل مواعيد الامتحانات، لأن أكثرية الطلاب غير مستعدين في الوقت الذي تم تحديده!.

كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *