لا تسرق عمرك يا صاحبي
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي الشرقاوي[/COLOR][/ALIGN]
هل تعرف كم هي أيام حياتك؟ بالطبع لا يمكنك أن تجيب؛ فالأعمار بيد الله، ولكن لنفرض أنك عشت مائة عام، فهل المائة عام هذه عشتها بصورة حقيقية أم بوهم تحمله عن هذه المدة التي تظنها طويلة وهيليست كذلك?
المائة عام هذه تساوي بالضبط (360500يوم) ولكن السؤال هل عشت كل الأيام هذه على سطح الأرض أم في هذه المدة المدعوة بالحياة؟ لنقرأ بشكل بسيط وأولي مدة 360500 يوم هذه أنت تحتاج إلى ثماني ساعات يوميّاً للنوم أي أن ثلث المدة قد انتهى بالإضافة إلى أن الطفل يحتاج إلى أكثر من 16ساعة يوميّاً للنوم.
ومن أجل أن تصل إلى مرحلة الرشد والاعتماد على نفسك فيتدبير أمورك وفي التفكير في معنى رسالتك الإنسانية ستجد نفسك تمر بمراحل الطفولة المبكرة ثم الحضانة ثم المدرسة الابتدائية أي أنك تقضي جزءاً كبيرًا من حياتك في الدراسة إلى أن تتخرج. وبعد أن تتخرج ستجد نفسك منخرطاً في أحد الأعمال كموظف يتقاضى أجراً على عمله وإذا قلنا إنك اشتغلت أربعين عاماً إلى مرحلة سنة التقاعد، واضعاً في اعتبارك أنك قدمت ثماني ساعات من يومك، أي من عمرك، أي من حياتك، كمقابل للأجر الذي تأخذه من الشركة أو المؤسسة أو الوزارة.
لا تنس أيضاً الساعات التي تصرفها في الطريق من البيت إلى المدرسة أو الجامعة أو إلى عملك. هل تستطيع أن تخبرني أو تخبر نفسك الآن أو غداً أو بعد غد عدد الأيام التي عشتها في حياتك التي امتدت إلى مائة عام.
ما قلته آنفاً لايعني أن أحدد لك عدد أيامك ولكن أريد فقط أن أنبهك إلى أن حياتك أقصر مما تتصور ولا يمكن أن تحسب الأعوام التي عشتها بقدر ما تحسب الإنجازات التي قدمتها إلى نفسك وأهلك والمجتمع الذي تنتمي إليه.
من هنا فأنا لا أريدك أن تقصر المدة الباقية لك في هذه الحياة بالزعل من نفسك ومن الآخرين لا أريدك أن تضيّع وقتك في المجادلات العقيمة التي لا تقدم شيئاً ولا تؤخر لا أريدك أن تنهمك في قضايا لا تستطيع أن تغيرها لا أريدك أن تسرق الأيام من حياتك والتي يفترض أن تتمتع بها وتتعلم من خلالها تجارب تساعدك في رقيك الروحي لا أريدك أن تزحمها بالغضب وكراهية الناس وكراهية النظام السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.
تمتع بأيامك، عشها كما تعيشها البذرة التي تتحول إلى زهرة ثم إلى ثمرة تؤدي مهمتها الحياتية.
دلل نفسك واخدم غيرك لا تنتظر أي مقابل من الآخرين. كل ما تفعله من خير وما تقدمه من محبة سيعود عليك بأكثر مما تتوقع.
بكلمة أخيرة أعود للتأكيد على ضرورة أن تجعل حياتك القصيرة عامرة بكل ما هو جميل ورائع ومفيد، استفد الآن مما يستطيع أن يستفيد منه غيرك أو من غادر العالم دون أن يترك بسمة أو عملاً صالحًا أو وقف يستفيد منه من يأتي بعده.
الوطن البحرينية
التصنيف: