كيف تبيع المويا.. في حارة السقايين.!
كانت تلاحقه نظرات استغراب وعدم تصديق وهو يسير مجيئاً وذهاباً على منصة المدرج، فالتفت عندما سمع صوتاً من بين الصفوف يهمس: (مستحيل الكلام إللي بيقولوا الدكتور)، علت وجهه ابتسامة الواثق مما يقوله ثم قال في نبرة الوالد الحنون : (يا ابني في هذه الأيام ما في شي اسمه لا يمكن ولا مستحيل، كل واحد يقدر يعمل إللي يخطر في باله حتى إنك تقدر تبيع المويا في حارة السقايين ..!)
ساد جو من المرح وبعض الضحك في المدرجات ثم سأله أحد الطلبة : (كيف يا دكتور..؟)
(لو كانت المويا إللي إنت بتبيعها عالية المواصفات والجودة حتكتسح السوق..! – توقف قليلاً ثم أكمل- كم نوع مويا موجود الآن في السوق..؟)
أجاب الغالبية (كثير)
طيب وهل سمعتوا وحدة من دي الأنواع الكثير خسرت وخرجت من السوق..؟
…..صمت
ممكن يكون نوع أو نوعين..! بس الموجود للمنافسة مازال كثير.. طيب لو سألت كل واحد فيكم ايش نوع المويا إللي يفضلها..؟
بدء الطلبة في تسمية أنواع عديدة، ودار بعض النقاش الجماعي حول نوع دون الآخر مع محاولات من البعض في الاقناع بالنوع سين لجودته وعدم تفضيل النوع صاد، ثم عمت الفوضى و الضجيج في القاعة، وعلى الرغم من ذلك الضجيج إلا أن المحاضر كان مبتسماً ومستمتعاً وهو يتابع الحوار الذي تسبب في إثارته بين الطلبة، ثم التفت نحو السبورة يصحبه شعوره بالرضا، وكتب بخط عريض ” لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع ”
نظر الطلبة نحو العبارة المكتوبة وتوقف الضجيج وحمل المحاضر حقيبته قائلاً قبل خروجه من القاعة: (هذا هو مضمون محاضرتنا لليوم..!)
والآن..! أخبرني من فضلك ماهو نوع السلعة التي تبيعها.. هل تؤمن بها حق الإيمان.. هل تشعر أنك مسوّق جيد لها.. هل تخدع زبائنك وتخلط الماء بالعسل..؟
إذا لا تسعد بربحك القريب كثيراً فسلعتك يباع منها الكثير، وهناك ممن يبيعونها من تولاها برعايته على أكمل وجه، وقدمها وهو راض عنها، فأرضى بدوره المشترين.. قد يرهبك كثرة الباعة لسلعتك لكنه لا يشعر بتلك الرهبة، قد تحتال لتكسب أكبر قدر من الزبائن أمر لا يحتاجه هو، قد تبالغ في الدعاية والإعلان لكنك لن تستطيع جذب عملائه.
مهما كانت تلك السلعة التي نبيعها فإنها تتأثر بكل ما نعتنقه داخل نفوسنا من مُثل وقيم ومبادئ وأخلاقيات، وهي مجموعة المنكهات لكل ما نقدمه وبالتالي ينعكس سريعاً على مدى التفاف الآخرين حولنا.. وأقصد بالسلعة هنا (أنت و أنا وكل ما نؤمن به)، فهل تعلمت طرق التسويق الإنساني الصحيح لأنه من المستحيل أن تجمع زبائنك بثمن بخس وبضاعة مزجاة.. هذه هي البضاعة الوحيدة التي يزيد سعرها كلما زادت كميتها ، وأصبحت منافس قوي في ظل العرض الكبير، فلا زالت طبيعتنا البشرية كثيفة الطلب..
للتواصل على تويتر وفيسبوك emanyahyabajunaid
التصنيف: