كلية الهندسة والاعتماد الأكاديمي

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

بصرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها
تنال إلا على جسر من التعب
هذا البيت من الشعر هو من بائية أبي تمام الشهيرة التي قالها بعد فتح عمورية، وقد ذهب مثلاً وحكمة منذ أن قيل. ولم أجد أفضل منه أستهل به مقالي هذا عن كلية الهندسة بجامعة الملك عبد العزيز في مسعاها للحصول على الاعتماد الأكاديمي. فبعد سنوات من العمل الدؤوب تكللت مساعيها بزيارة ناجحة قام بها في الأسبوع الماضي فريق هيئة الاعتماد الأكاديمي العالمية لبرامج الهندسة والتقنية
Accreditation Board for Engineering and Technology (ABET)
وستنتظر كلية الهندسة الموعد الرسمي لإعلان نتائج الاعتماد في يناير/كانون الثاني القادم.
والاعتماد الأكاديمي هو عملية مراجعة وتدقيق لمدى توافق والتزام البرامج التعليمية المقدَّمة من قبل المؤسسات التعليمية بالمعايير الدولية لتأكيد الجودة. وهناك عدد من المنظمات الدولية التي تمنح هذا الاعتماد. ولكل اختصاص منظمات خاصة به، والمنظمة المذكورة آنفاً تختص بمنح الاعتماد الأكاديمي لكليات الهندسة والتقنية فقط. والحصول على الاعتماد الأكاديمي، يحتاج إلى الإعداد الجيد لتحقيق الشروط المطلوبة من قبل الهيئة المانحة للاعتماد.
وقد كانت كلية الهندسة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن سباقة في مجال الحصول على الاعتماد الأكاديمي، وتبعتها كلية الهندسة بجامعة الملك عبد العزيز فحصلت على الاعتماد في العام 2002م لمدة ست سنوات، فالاعتماد الأكاديمي لا يُمنح للأبد، إنما هو كاستمارة السيارة التي تُمنح لعدد من السنوات ويتم تجديدها بعد إجراء الفحص الدوري على السيارة.
وقد كان إنجاز كلية الهندسة فاتحة خير للكليات الأخرى في جامعة الملك عبد العزيز التي بدأت في الحصول على الاعتماد الأكاديمي من المنظمات المناسبة لتخصصاتها.
وفي هذا العام كان الموعد لتجديد الاعتماد الأكاديمي لكلية الهندسة التي بدأت تعد لهذا الأمر منذ أكثر من سنتين. فشكَّلت لجنة إشرافية على مستوى الكلية برئاسة عميدها وعضوية وكلائه وعدد آخر من الأساتذة، وكان لي شرف عضوية هذه اللجنة. وأنشأت أيضاً ”وحدة الاعتماد الأكاديمي“ بالكلية بهدف متابعة النشاطات للوفاء بمتطلبات الاعتماد. كما شكَّل كل برنامج لجانه الفرعية الخاصة به، لأن الاعتماد لا يُمنح للقسم إنما لكل تخصص من تخصصات القسم على انفراد، ويُسمى التخصص برنامجاً. فقسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات فيه أربعة تخصصات (برامج) وكان على كل برنامج أن ينال الاعتماد منفرداً.
وكان أول ما قامت به الكلية هو عملية التقويم الذاتي وتطوير البرامج التعليمية والرقي بها إلى مستوى متطلبات هيئة الاعتماد الأكاديمي، الذي يعني أن البرامج المعتمدة تكافئ مثيلاتها في الدول المتقدمة.
وكان على كل برنامج أن يدرس معايير الاعتماد الخاص به من أجل تحقيقها. وهذه المعايير تشمل: البرنامج، والطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، والإدارة، والمعامل (المختبرات).
أما البرنامج فتم كتابة تقرير عنه يتضمن تعريفاً بالقسم ورؤيته ورسالته وأهدافه، والمخرجات المتوقعة منه، مع بيان بأعداد الطلاب الملتحقين والمتخرجين خلال فترة ماضية، والمعامل وخطة تحديثها وصيانة الأجهزة فيها، والسير الذاتية لأعضاء هيئة التدريس، وتعريف بالهيئات العلمية المشتركين فيها، وتوصيف المقررات الدراسية وتحديد أهداف كل مقرر. وكل أستاذ قام بتحضير ملف محاضراته، وملفات مقرراته الدراسية، إضافة إلى أداء الطلاب فيها، فالملف يتضمن عينات من الامتحانات والواجبات المنزلية والتمارين المعملية، والمشروعات، والمهارات.
وقد تم فحص كل هذا من قِبل فريق الاعتماد الأكاديمي، إضافة إلى قيام الفريق بعمل مقابلات مع أعضاء هيئة التدريس والطلاب، وزيارات للمعامل والمكاتب وغرف التدريس.
إن مزايا الحصول على الاعتماد الأكاديمي كثيرة وتشمل: زيادة فرص العمل للخريجين في سوق العمل المحلي والعالمي، وسهولة الحصول على القبول في الجامعات العالمية لمن يرغب في إكمال دراسته العليا، والأهم من هذا مواصلة إجراءات تطوير البرامج الأكاديمية لتتماشى مع متطلبات الاعتماد التي تتطور باستمرار.
لقد تمثلت ذروة نجاح الجهود في تعميق الإحساس لدى الجميع بأن التفوق ممكن من خلال العمل الجماعي الشاق والمستمر. فقد انقلبت كلية الهندسة إلى خلايا نحل، تضافرت فيها الجهود للوصول إلى الهدف المنشود. وفي كل يوم عند وصولي إلى الكلية بُعيد السابعة صباحاً أرى مدير وحدة الاعتماد الأكاديمي قد وصل قبلي، فأبادره بالسؤال: هل جئت اليوم؟ أم كنت نائماً هنا منذ الأمس؟ ولكم تمنينا أن تضع الكلية لكل واحد منا سريراً في مكتبه، كما فعلت شركة جوجل مع موظفيها!

كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *