ناصر الشهري

قد لا يكون الشرق الأوسط صالحاً للإقامة والعيش فيه.. وقد يتقاسم سكانه الفقر مع شعوب الدول الاكثر فقراً خارج المكان .. وقد يهربون من العدو إليه خارج تضاريس المنطقة هنا يبدو كلاماً استفزازياً .. يرسم صورة قاتمة ومتشائمة لأمة تعتز بشرقيتها .. وتتغنى ببطولاتها القديمة وسط واقع مؤلم صفق له الكثير – برؤية التغيير وأحلام المستقبل – وذلك من خلال ثورات اسقطت انظمة ورموزاً .. ولكنه سقوط لم يتوقف عند تلك الانظمة بقدر ما سقطت كل مقومات الامن والاقتصاد وفتحت ابواب الصراعات المتبادلة وتقسيم الولاءات لعناصر حزبية وقبلية. اضافة إلى جماعات انطلقت من ورقة «الدين المسلَّح» حصل ومازال ذلك يعصف بشعوب ربيع عربي لم تنقذه سحابات الصيف ولا غمامات الشتاء بقدر ما تحولت كل مواسمه إلى بحور من الدماء . وما بين الحروب والاختلافات الداخلية تبخرت كل احلام المواسم دون أن ينبت العشب أو يخضر الشجر!
هكذا استطاعت الدول الكبرى ذات النفوذ في عالم الأمس واليوم أن تلعب دوراً مؤلماً في المنطقة العربية وصولاً إلى اعادة آمال وتطلعات هذه الأمة إلى الخلف لسنوات طويلة . وتكريس الصراعات الداخلية مع الذات ومع المنظومة في محيطها العربي . لتبقى مجموعة الكبار مصدراً استهلاكياً لأدوات الموت .. وادارة الصراعات من منطلقات اقتصادية تستثمر في دمار الأرض والإنسان لفترة حالية ومستقبلية غير محدودة الزمان في دول داخل وخارج منظومة الثورات في الشرق الأوسط يتكاثر سكانها أمام الخطط السياسية للكبار من أجل التضييق على اقتصادها . في محاولة لمزيد من غليان شعوبها.
على أنه لا يمكن إعفاء الدول العربية من الإخفاق في بناء قواعد اقتصادية وعسكرية مشتركة من خلال الجامعة العربية التي تشكل رمزاً فاشلاً لطموحات الأمة. حيث كان بالإمكان أن يتم استغلال مواردها الاقتصادية والبشرية منذ زمن بعيد وذلك على غرار تجربة المجموعة الاوروبية. وهو ما جعل دول الجامعة تصدم بهذا الواقع المؤلم. ثورات اضافت الأسوأ .. وأسست لفترة طويلة من تصفية الحسابات الداخلية ومصادرة الأمن والاستقرار . في الوقت الذي يظل الأخير أساس حياة الشعوب.
ودون الإدراك بأن التغيير لا يتوقف فقط عند اسقاط نظام يحلم البعض ان تمطر السماء بعده ذهباً! واليوم وأمام مشهد المرحلة فإن الخوف من تصاعد الصراعات في المنطقة سيؤدي إلى تأجيج الحروب وتغذيتها كسوق للسلاح التقليدي والتدميري الشامل. وفرض الأزمات الاقتصادية وعودة الاستعمار في ثوب جديد. خاصة بعد التوافق الامريكي الروسي الاوروبي الذي من الواضح بأنه قد تنتج عنه اقصاء مؤشرات الحرب البادرة تمهيداً لتقاسم منطقة تم تسويق الديمقراطية إليها بمواصفات الموت.. واذا كان مفهومنا العربي قد تعامل مع المشروع بأدوات التمهيد في الممارسة لمزيد من الضياع فلتسقط الديمقراطية !!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *