فكرة: مئة الف امرأة عانس تكريم المرأة بتيسير زواجها

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] حسين الرواشدة [/COLOR][/ALIGN]

يوجد في الأردن – الآن – نحو 100 الف امرأة عانس لم يسبق لهن الزواج (كان العدد نحو 8 آلاف قبل ثلاثين سنة) ، تتراوح أعمارهن ما بين 30 – 49 سنة ، وهي الاعمار المتبقية من عمر الإنجاب ، بما يعني اننا امام «كارثة» حقيقية ، لا يمكن فهمها من خلال «الارقام» فقط ، وانما ايضاً من خلال الواقع الاجتماعي وقصصه المحزنة حقاً.
العادات الاجتماعية – في الغالب – هي السبب الحقيقي الذي يدفع الشباب الى «العزوف» عن الزواج ، وحتى الذين غامروا من الشباب ، وتقدموا لخطبة الفتيات فانهم سرعان ما أعادوا النظر في قرارهم ، وألغوا «فكرة» الزواج من اذهانهم نهائياً ، وهذه حقيقة تعكسها نسب الطلاق قبل الدخول اذ تجاوزت الـ %44 من مجموع حالات الطلاق المسجلة في عام 2007 ، فيما تجاوزت نسبة الطلاق في السنوات الثلاث الاولى من الزواج الـ %70 ، وحظي الازواج المتعلمون بـ %94 من مجموع حالات الطلاق مقابل 6% من الازواج الأميين.
قلنا ان العادات والتقاليد الاجتماعية التي تبالغ في تحميل الشباب ما لا يحتملون من نفقات اقتصادية ، هي التي تحول بين الشباب والزواج ، وهي التي تمنع نحو مئة الف فتاة اردنية من فرصة الحصول على زوج مناسب ، بل انها حين تجده سرعان ما يطلقها – قبل الزفاف كما اشرنا – لعدم قدرته على الوفاء بما التزم به امام اهلها – رغماً عنه طبعاً – من مصاريف وطلبات واوامر ، معظمها لغايات الوجاهة الاجتماعية والاستعراض والتقليد والبهرجة الكاذبة،
يمكن الاسترسال في وضع الاسباب والمبررات خارج اطار «التقاليد والظروف الاقتصادية» مثل التحولات التي اصابت مفهوم الاسرة والزواج وما أفرزته من «بدائل» غير نظيفة ولا مشروعة للزواج ، ومثل شيوع ازمات اليأس والاحباط وما ادت اليه من انهيار لمنظومة القيم في المجتمع ، ومثل الاسباب النفسية التي تجعل الشباب غير قادرين او غير راغبين في تحمل المسؤولية او فاقدين الشعور بالامن والثقة بالمستقبل ، الى ما سوى ذلك من اسباب.. لكن المهم هو البحث عن مخرج من هذه المشكلة الخطيرة التي يعاني منها مجتمعنا (وغيره من المجتمعات العربية: %60 من الفتيات في سوريا ممن اعمارهن بين 25 – 30 عوانس ، 10و ملايين فتاة وشاب مصري فوق 35 سنة لم يتزوجوا و85% من نساء العراق في هذا السن ما زلن عوانس.. الخ) ، والمخرج – هنا – يحتاج الى ابداع افكار وادوات جديدة تكسر حاجز «المألوف» وربما تصدم المجتمع بما تراكم فيه من تقاليد وعادات لا علاقة لها بالدين اساساً.
في مصر – مثلاً – نهضت جمعيات كثيرة لرفع شعار «زوجة واحدة لا تكفي» في اشارة لحل هذه المشكلة عن طريق تشجيع تعدد الزوجات ، وفي بلاد اخرى انشئت جمعيات لتسهيل الزواج ومساعدة الشباب (تجربة جمعية العفاف الخيرية مثلاً) ، وأصدرت وثائق اجتماعية للحد من ظاهرة «التعسف» في طلبات الاهل والمبالغات الاجتماعية. لكن هذه المحاولات ظلت – للاسف – محدودة التأثير والفاعلية ، مما يتطلب كما قلنا التفكير جدياً في حلول اوسع وانفع ، وفي مبادرات حكومية واهلية تتجاوز ما ألفناه من طروحات.
سألت احد اساتذة الشريعة فيما اذا كان يجوز للمرأة ان تبادر وتتحرك – من نفسها او بواسطة ولي امرها – لطلب الزواج من شاب تراه مناسباً ، فأخبرني بانه لا يوجد في التشريع الاسلامي ما يمنع من ذلك ، وذكر ان بعض النساء في عهد الرسول توجهن لمجلسه عليه الصلاة والسلام بوجود الصحابة وعرضن أنفسهن للزواج ، وقد حدث ان زوجهن الرسول من احد الحاضرين حين وجد في نفسه قبولاً لاحداهن.. ويمكن لمن اراد التوسع في هذا الباب مراجعة موسوعة تحرير المرأة في عصر الرسالة للمرحوم د. عبدالحليم ابو شقة.
لا اريد ان أخوض اكثر في البدائل والحلول ، ولكني أضم صوتي الى المحذرين – وما اكثرهم – من هذه الكارثة الاجتماعية (هل هي اجتماعية فقط؟) التي تهدد بيوتنا ومجتمعنا.. واعتقد ان دعاة حقوق المرأة والناشطات والمحتفين بيوم المرأة العالمي مدعوون – وغيرهم ايضاً – لتكريم المرأة من خلال حل هذه المشكلة التي تحاصرها وتحاصرنا جميعاً.. لا بالبحث عن تفاصيل اخرى – نعرفها – للمطالبة بتكريمها وانصافها ومساواتها بالرجل.
الدستور الأردنية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *