غزوة بدر وفضل العشر
مصطفى كتوعة
بالأمس القريب استقبلنا رمضان بالبشر وغمر الأفئدة والحياة روحانية، وقد أسرعت أيامه حتى ذهب أكثره ونستعد لتوديعه، وقد فاز من صاموا النهار وقاموا الليل، وقرأوا القرآن، وتصدقوا وأحسنوا، وتركوا المعاصي والسيئات، فلهم الاجر العظيم، بإذن الله لقد أوشكت شمس الشهر الكريم على المغيب، وآذنت ايامه ولياليه على الرحيل. مرت ساعاته وايامه كالحلم الجميل.
سلام من الرحمن كل أوان
على خير شهر قد مضى وزمان
وداعاً يا شهر القرآن، وداعاً يا شهر الصيام والقيام، وداعاً يا شهر الرحمات والبركات، وداعاً يا شهر الجود والاحسان والخيرات، وداعاً يا شهر التوبة والغفران والعتق من النيران، وداعاً يا شهر الانتصارات.
لقد مرت علينا ذكرى عزيزة على قلوب المؤمنين.. الا وهي غزوة بدر الكبرى التي نصر الله فيها الحق على الباطل ليسود الاسلام الحنيف ويسطع نور ضيائه على مشارق الارض ومغاربها في عصر الفتوحات وما بعدها، والى اليوم يدخل الكثير من عباد الله في دين الحق فرادي وافواجا، رغم ما يتعرض له من تشويه وحملات المغرضين بسبب فئات ضالة اعداء الدين والانسانية ازكت نار الفتنة وغدر الارهاب.
ومن دروس غزوة بدر الكبرى ان يصبر المؤمن في كل احواله قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن ان أمره كله خير ان اصابته سراء فصبر كان خيرا له وان اصابته ضراء فشكر كان خيرا له) وفي كل حال جزاء الصبر عظيم.
ايضا الاخلاص في الدعاء من عوامل النصر وتفريج الكروب مع الأخذ بالاسباب فالمسلم يلجأ الى الله ولا يجيب الدعاء الا هو سبحانه لقوله تعالى : (واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) والمسلمون في غزوة بدر لجأوا بالدعاء تلبية لأمر الله فكان حقا على الله نصر المؤمنين المتضرعين له بالدعاء. ومن الدروس ايضا التعرف على الله في الرخاء فيعرفه في الشدة، وقد ناجى بونس – عليه السلام – ربه قائلا: “لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين : “فنجاه الله من بطن الحوت.
ومع اقتراب شهر الصوم على الرحيل، لابد وقفات صادقة، فلا تضيع ما تبقى بالكسل والانشغال عن الطاعات فإنما الأعمال بالخواتيم. ولنؤصل هذه الخيرات بعد شهر الصوم، فرب رمضان هو رب شوال وكل الشهور ورب كل شيء فليجتهد كل منا في الطاعات وصالح الاعمال وترك المنكرات وآفات تدمر الأخلاق وتجلب البغضاء كالغيبة والنميمة والقدح والغش والجشع والتدليس فهذا الصبر الجميل في الصيام وتذوق حلاوة الايمان رجاء في المغفرة، لابد من المحافظة على اسبابها بتقوى الله في كل شيء دون الرجوع الى المعصية والانغماس في اوحالها فلا تكن (كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا) واحذر ان تهجر الطاعة ولنقبل على العيش في رحاب الباقيات الصالحات.
غدا توفى النفوس ما صنعت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
ما احواجنا في دنيانا الفانية الى التزود بخير الزاد للسعادة في الدارين وها نحن في العشر الاواخر وفضلها عظيم وفيها ليلة خير من الف شهر، فطوبى لمن يطلبها. نسأل الله ان يتم علينا الشهر الفضيل وان يكتب لنا القبول. كل عام والجميع بخير.
للتواصل/ 6930973
التصنيف: