غزوة بدر الكبرى وأحقية الانتصار

• محمد حامد الجحدلي

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد حامد الجحدلي[/COLOR][/ALIGN]

علينا أن نتأمل الأبعاد السياسية والإستراتيجية العسكرية لهذه المعركة واستخلاص نتائجها وتطبيقها ميدانيا فهي تعد المعركة الأولى الفاصلة بين الخير والشر وبين الحق الذي طال انتظاره وبين الباطل وأهله الذين بطشوا وتجبروا ونكَّلوا بالمستضعفين في الأرض الذين مَنَّ الله عليهم بنعمة الإسلام ، لتأتي هذه المعركة في وقت أشد ما يكون المسلمون الأوائل حاجة لأحقية هذا الانتصار وهم في بداية مشوارهم ولم تعتد أقدامهم بعد على الراحة من شدة الترحال وألم الفراق حينما تركوا الأهل والمال والولد في موطن الصبا والشباب وذكريات الأمس القريب هناك في بطحاء مكة ، يشدهم الحنين لمرافقة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في هجرته من مسقط رأسه وأحب بلاد الله إليه لإعلاء كلمة الله ونصرة الدين الإسلامي فشد رحاله صلى الله عليه وسلم وصحبه من المهاجرين يحفهم الشوق صوب طيبة الطيبة ، حيث التآخي والألفة والمحبة وتدفق المشاعر الصادقة وكرم الضيافة لدى الأنصار وهم يستقبلون أخوة لهم من المهاجرين بعد قدومهم إلي هذه البقعة المباركة ، ولم يمض على هذا التمازج الروحي بين المهاجرين والأنصار من عمر الزمن القصير جدا سوى سنتين إن لم تكن أقل لمن لحق بهم فيما بعد بالركب الإيماني وفرَّ هاربا يريد الخلاص من ويلات التعذيب الجسدي والنفسي الذي واجهه كل من اعتنق الإسلام ، لذا كان الكل في مجتمع المدينة الجديد يبحث عن الاستقرار وتنظيم شؤون حياتهم فقد كانت القلوب عامرة متلهِّفة والآذان صاغية لنداء قائد هذه الأمة ، عندما تحين ساعة الفداء للذود عن هذا الدين ، ليس رغبة في مناصب قيادية أو مكاسب مادية في دولة الإسلام الأولى التي لازالت في طور التأسيس لتستكمل خططها وأهدافها و قدرتها على حماية نفسها بقوة عسكرية يعرفها الأعداء قبل الأصدقاء ، وهنا تأتي إستراتيجية التخطيط بصبغته العسكرية بغض النظر عن حجم الاستعداد الشخصي والتدريبات لأنهم يستعيضون عن ذلك بمعنوياتهم العالية وقوتهم الإيمانية والتشجيع المعنوي من القائد العام ، فكان القرار بالخروج الاختياري لمن يرغب المشاركة في هذه المعركة الحاسمة ، وكانت الجمال هي وسيلة الانتقال الوحيدة المتاحة فكان التناوب لكل ثلاثة على جمل واحد بما فيهم القائد لشعورهم بأن الجميع يتساوى في طلب الشهادة في سبيل الذود عن هذا الدين ، عندما تتوفر القيادة التي تعرف مفاتيح النصر وتستطلع قوات العدو بتكليف اثنين من المسلمين بمتابعة القافلة القادمة من الشام برئاسة أبي سفيان في طريقها لمكة ، مما اضطره لتحويل مسار قافلته هربا من جنود الإسلام بعد أن وجد أثرا لمتابعته وأرسل نداء استغاثة يطلب العون والمدد لمواجهة الموقف على وجه السرعة ، وتباطأت قريش لعدم رغبتها في القتال ولم يكن لهم هدف سوى سلامة تلك القافلة التجارية ، بينما كان لأبي جهل رأي آخر بما عرف عنه من تكبُّر وطغيان فزحف بقواته التي تجاوزت الألف رجل بين مشاة وفرسان ، ونزل بجنوده على \” بئر بدر \” ليمنع الماء عن المسلمين وأقام الولائم والأفراح للإعلان عمَّا تتمتع به قواته من إمكانيات وكما يصفها بالقوة التي لا تهزم كنوع من الحرب النفسية التي تشن ضد الجيوش المعادية وبحكمة القيادة المتمثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشارته لكبار أركان قادة الجيش الإسلامي من المهاجرين والأنصار ، دون ترجيح رأي على آخر باعتبارهما يمثلان الثقل السياسي والعسكري في المعركة التي تقترب من ساعة الصفر ، حيث التأييد الكامل لقرار الحرب لما له من أهمية لحسم المعركة لصالح الإسلام وتعزيز مستقبل الأمة ومواجهة قوة الكفر والعدوان فبعد أن تم استجواب أثنين من صبيان قريش ُوجِدَا عند بئر بدر لمعرفة أخبار العدو وحجم قواته تأهب الجيش الإسلامي لمواجهة العدو بعد أن نُظِّم تنظيما دقيقا وتلقى أفراده التعليمات من قائده الأعلى وهو يوصيهم صلوات الله عليه وسلامه بالرفق وعدم استعمال النبال ضد الأعداء وقف صلى الله عليه وسلم يعظ المسلمين، ويذكرهم بالصبر والثبات والقتال في سبيل الله، ويبشرهم بالنصر داعيا الله لهم قائلا : ـ
\” اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك \” ليأتي مدد السماء من الملائكة متزامنا مع واقع الحال \” فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين \” الأنفال الآية ٩ فجاءت بوادر النصر بمقتل الأسود بن عبدالأسد في ساحة المعركة منذ ساعاتها الأولى علي يد سيدنا وسيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه لتبدأ المعركة الحقيقية في صبيحة السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة في مثل هذا اليوم فكانت المواجهة بين أبطال الإسلام وبين رموز الكفر والإلحاد

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *