عودة لفكرة وزارة للوافدين
أعود اليوم لمقترح سابق تناولته مرارا منذ أكثر من عقد من الزمن وقد شجعني على ذلك القرارات الأخيرة التي تسعى الدولة ايدها الله من خلالها لتوحيد التخصصات لتكون ميسرة في خدمة المواطن وكل من على هذا الثرى المبارك ، ثم الرؤى والتي من ابرزها 2030 وما أعدت طرحه إلا لأن الواقع أراه وفق تلك القرارات والرؤى يفرض ذلك ،
ولعل الأحداث في السنوات الخمس الأخيرة التي تمثلت في مشاكل الاستقدام وكذلك المتخلفين سواء بالهروب من كفلائهم أو العمل بدون تجديد أو أخطاء هنا وهناك من الطرفين عمالاً وكفلاء ، او ما يواكب كل موسم حج ، وتنكر العمالة حين عودتها لدولها من استلام مستحقاتهم وبث الإشاعات وعدم وجود مرجعية عليا تقّيم على الأقل أداء الجهات المعنية والمتعددة والتي اسهم ضعف الأداء إلى تكدس المشاكل وتفاقمها ،
ولعل كل ذلك وما لم يتسع المجال لسرده مدعاة إلى ضرورة العمل على قيام وزارة خاصة بالوافدين ، فالمملكة العربية السعودية ليست دولة مغلقة ولا مجتمع آحادي بل ومنذ تأسيسها وهي مفتوحة للكل وفق ضوابط تحقق أعلى معدلات الاحترام والحرية لكل من يفد إلى هذا الثرى الطاهر ،
يدعم تلك الضوابط والتوجهات شعب أبي مسالم كريم يتعايش مع الآخر وفق ما تقتضيه المصلحة العامة والتي عادة ما تكون في صالح جميع الأطراف فكان ولا زال وسيبقى بإذن الله ثم بتوجيهات ولاة الأمر حفظهم الله ، الوافد إلى المملكة سواء بتأشيرة عمل أو حج أو عمرة أو زيارة أو استثمار أو مرور أو ظروف قهرية لاشك يشعر بأمن وأمان وحسن وفادة ، حتى أن الغالبية تود الإقامة الأبدية ، فلا تمايز ولا ضرائب ولا ما يتنافى مع التعامل الحسن ،
والشاهد على ذلك أنه ومنذ سنوات هناك رقم لا يتناقص بل يتزايد عن عدد المقيمين بالمملكة سواء للعمل أو في مجالات الاستثمار الوافد وأكثر من ذلك سنوياً مابين معتمر وحاج وزائر وعابر ، وكل أولئك يجدون في المملكة وطناً ثانياً لهم بل كثيراً منهم يجعلها وطنه الأول والشواهد على ذلك كثيرة ووسائل إعلام بلدان أولئك الوافدين خير من يترجم ذلك خصوصاً بعد كل موسم حج أو عمرة أو أية مناسبة سعودية.
هؤلاء الوافدون والذين يجدون بيننا كل حفاوة وترحاب والذين اسهموا معنا في التنمية خلال العقود الماضية والحاضرة ومستقبلاً أرى أن وضعهم يتطلب جهة إدارية تكون مرجعاً لهم في شتى مناحي حياتهم على هذا الثرى وتكون بمقام (وزارة للوافدين) تتولى شؤون حياتهم منذ الدخول إلى المملكة من جوازات وعمل وتأمينات وتأمين صحي واستثمار واستقدام أسر وتنقل وقضايا وتسول وخلافه وكل ذلك تحت مرجع واحد بدلاً من هذا التشتت الذي غالباً ما يأخذ أوقاتاً تدخل في سنوات ،
فهنالك مشاكل تجديد الإقامة قد تأخذ سنوات لوجود اشكالات بين أكثر من جهة وكذلك بعض القضايا العمالية وقضايا الاستثمار تأخذ سنوات أحياناً ومشاكل التسول ومخالفة نظام الإقامة والهروب هي مشاكل تطول وقد تحتاج إلى وقت ، وظاهرة التخلف الجماعي التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة حيث تشهد بعض السفارات والقنصليات تجمعات لرعاياها المتخلفين عن مواسم الحج والعمرة والذين عادة ما تتأخر سفاراتهم في إنجاز وثائقهم للسفر ، لكن لكثرة الجهات وتشابكها وهي منفصلة إدارياً عقدت كثيرا من الأمور.
ولعل وجود وزارة تعنى بشؤون الوافدين فيها الكثير من الإيجابيات التي ستسهم دون شك في حل كثير من التعقيدات التي تعاني منها أكثر من جهة وغالباً تكون ترسبات سوء تنسيق لعدم وجود جهة جامعة لذلك ، وتستطيع مثل تلك الوزارة من تحقيق ذلك باستحداث إدارات خاصة ومتخصصة ومتفرغة وكذلك إنشاء قاعدة معلومات عامة تشمل كل جوانب حياة الوافد طيلة تواجده بالمملكة ، ومثل هذه الوزارة تستطيع التعامل مع وزارات المغتربين في الدول الأخرى والتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات وكذلك الإشراف على الجهات المرتبطة بشؤون الوافدين كما اسلفت من جوازات ومكاتب العمل ومكافحة التسول والأمن العام وكافة قطاعات وزارة الداخلية والاستثمار والسياحة بل كافة الجهات ذات العلاقة والتنسيق فيما بينها والعمل الفعلي على تطوير مستوى الأداء ، والتدقيق والرقابة العامة وتقديم المقترحات والآراء المتعلقة بتطوير سبل العمل وتذليل أي عوائق تواجهها مستقبلاً ، واقتراح وضع السياسات والأنظمة واللوائح المتعلقة بالوافدين ومراجعتها كلما اقتضت الحاجة ، وبالتالي توفير كافة المعلومات والبيانات الإحصائية المتعلقة بالوافدين المتواجدين في المملكة سواءاً بطرق نظامية او خلافه ، وتحليلها وعرض النتائج على المسؤولين مقرونة بالتوصيات المناسبة وذلك لما فيه المصلحة العامة ، وكذلك المشاركة في تنفيذ السياسات والدراسات المتعلقة بإحلال السعوديين محل العمالة الوافدة وذلك من خلال قاعدة البيانات التي تحدد المهن وشاغليها الحقيقيين ، والتنسيق في ذلك والمشاركة في اللجان والمؤتمرات والندوات وإعداد الدراسات اللازمة لمعالجة قضايا الوافدين بالمشاركة مع الجهات الأخرى سواء داخل المملكة أو خارجها ..هذا وبالله التوفيق.
جدة ص ب 8894 تويتر : saleh1958
التصنيف: