إن أشد العقبات شراسة هي تلك التي لا نراها ولا نشعر بها ، لماذا؟ لأننا في الأصل لا نراها عقبات ، إنما جزء رئيس في تركيبتنا الإنسانية . فعبارات من مثل ” هكذا تعودت ” أو ” منذ ولدت وأنا أعيش هكذا” ما هي إلا أغلال تقيدنا دونما أن نشعر ، وتفقدنا الكثير مما نستحق ، فالكسول لا يرى كسله وحسب ، بل ويغضب جداً إن أشار له أحد بهذا ، لذلك هو يستمر فيما اعتاد عليه من الكسل ، بل ويصطنع ألف مبرر لذلك ، وقس على هذا الكثير مما لا نراه من عيوب وسلبيات في شخصياتنا تؤخر استفادتنا من مقومات الحياة حولنا ، وتجثم بسكون خفي ومبهم وفج على كل مداركنا وأحلامنا، تماماً كتلك السيجارة التي يجد صاحبها صعوبة في الإقلاع عنها ، لا لشيء إلا لأنه لم ير ذلك الوهم الذي يتملكه ، ذلك المتواري في ذهنه والذي يخدره دوماً بقوله: هي مجرد سيجارة وبالإمكان التخلي عنها في أي وقت.. لكن ليس الآن “.
تقول الكاتبة والروائية الأنيقة أحلام مستغانمي : “الطريقة الصحيحة لفهم العالم هي في التمرد على موقعنا الصغير فيه ، والجرأة على تغيير مكاننا وتغيير وضعيتنا” ، إذ ليس بالإمكان استشعار جمال مشاهدة المدينة من فوق ناطحة السحاب من دون أن تجرب ذلك بنفسك، وليس بالإمكان التلذذ بحياة خالية من سيجارة نتنة من دون أن تقلع عن التدخين ، وليس بالإمكان استشعار طعم الانطلاق والتحرر من عادة قبيحة من دون أن تتجرأ وتكسر هذه العادة ، وليس بالإمكان تبديل وضعك المادي والاجتماعي والثقافي من دون أن يكون لديك في الأصل رغبة في التغيير ، ثم الاستعداد الذاتي والصادق لخوض تجربة التغيير مع تقبلك لمفرزات التجربة عليك ، هكذا هي الحياة لمن يريد أن يعيشها بإحساس ولذة .. وما عدا ذلك يعد موتاً ذهنياً ووجدانياً معاً.

@ad_alshihri
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *