[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]هناء حجازي[/COLOR][/ALIGN]

في الصيف، في حرارة شمس غير عادية ودرجة حرارة تثبت لك يوما بعد يوم أنك تسكن في أشد المدن حرارة في العالم، لا تستطيع أن تتغنى بالصيف، تفكر في السفر وتسافر، تأمل أن يغير السفر شيئا من التعب الذي يحل عليك كل صيف، فتكتشف أن الأمر يسوء، لأنك تظل تتذكر المتع التي كنت تعيشها قبل أيام، برغم الحر، كنت تخرج، وتلعب وتتحدث مع الناس، كل الناس، لا ينظر إليك أحدهم بنصف عين إذا خاطبته بشكل مباشر كي تقول له، ما أجمل هذا الفندق، لتجد نفسك بعد قليل تتبادل معه خبرات الحياة ومعلوماتك الشخصية، دون تحفظ أو خوف أو ارتباك ..
وكانت قريبتي قبل مدة تقول كلما سافرت لأي بلد وجدت الناس تبتسم للجميع، وإلقاء التحية في المصاعد، في الطرق، كلما مشيت أمام أحد كأنه فرض عين يمارسه كل الناس، ذكرتها أن ابتسامتي الدائمة تحمل لي جنسية مختلفة دائما، لا أحد يصدق هنا أو في الخارج أنني سعودية لأن ماركة التكشيرة التي تثبت هويتي ليست موجودة.
هذا الخوف من الآخر الذي نحمله في رؤوسنا وتشي به أعيننا لماذا؟ من أين جاء.. لا أريد أن أعرف جيراني، ولا أريد أن أخاطب أي شخص يجلس إلى جواري في أي مكان. قبل أن ينظر إلي أحد أكون قد رسمت على حواجبي علامة عدم الاقتراب، يمشي السعوديون في شوارع العالم يحملون هذا الهم، أو أنهم تعودوا على هذا الأسلوب فيصبح من السهل أن تتعرف عليهم..
العلامة الأخرى أننا نسخر من أي شخص آخر، وأي جنسية أخرى، وحتى من بعضنا، سمة الاحتقار والسخرية التي تصاحبنا، محصنون ضد الآخر نحن وعلامة التحصين أننا نستقبل أي شيء يقوم به الآخر بالرفض والسخرية والاحتقار. تسمع التعليقات حتى من بعيد، هذا أهبل، وهذا مجنون، وهذا يلبس بطريقة غبية وهذا يضحك بطريقة أغبى.. تعليقات ليس لها أي معنى لكننا نطلقها على كل الناس، أشعر أننا نكره كل الناس، أو أن ثقتنا المهتزة بأنفسنا مقابل الآخر تجعل منا أكياس كراهية متنقلة، نعتقد أننا بها نحمي أنفسنا من الاعتداء على خصوصيتنا التي لا نعرف حتى الآن ماهي بالضبط..
أتذكر كيف الحديث مع الآخر بسيط جدا، وعفوي جدا، وكيف أن الآخر هو أيضا لديه مشكلاته وهمومه التي يهرب بها من بلده لبلد آخر يقضي به عدة أيام، يرمي همومه لآخر حدود الأرض كي يرجع قابلا لتحمل هموم جديدة، وأنا أسأل، هل نحن بالطريقة التي نقضي بها صيفنا قادرون على العودة منتعشين ومبتسمين، أعتذر،أقصد، قادرين على رسم تكشيرة جديدة؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *