عفواً .. أحتاج أشعة فوراً .. عندكم واسطة؟

• عبدالرحمن آل فرحان

أراد صاحبي عمل أشعة رنين مغناطيسي بشكل عاجل .. وذلك بعد أن أكد له الطبيب المختص ألا سبيل في تشخيص آلام ظهره الحادة من دونها ، لكن هذه الخدمة بكل أسف لم تكن متوفرة في مستشفى تنومة ، ما اضطر بصاحبنا أن يبحث عنها بنفسه في مستشفيات المحافظات القريبة من محافظته ، مستشفى باللسمر ( على بعد 25كلم ) مستشفى النماص ( على بعد 19 كلم ) ومستشفى باللحمر ( على بعد 45 كلم ) ، أيضاً للأسف كان جوابها جميعاً .. لا يوجد لدينا جهاز تصوير الرنين المغناطيسي ؟ أربعة مستشفيات عامة في أربع محافظات متجاورة ولا يوجد في أي منها ذلك الجهاز التشخيصي الهام ؟
حسناً .. بقي أن نستعرض الخيارات المتاحة لهذا المواطن الذي بكل دهشة يكتشف أن الخدمات الصحية في محافظته والمحافظات القريبة من محافظته ليست على ما يرام .. فقد بدت المسألة أكثر تعقيداً مما كان يعتقد ويظن ، أدرك ذلك بعد أن اضطر لتجربة خياراته الثلاثة المتاحة .. ( الأول ) أن يشد الرحال لمستشفى أكبر من تلك المستشفيات الأربعة .. وهو مستشفى عسير المركزي في أبها ، و( الخيار الثاني ) .. الصبر وانهاك جسده بالمسكنات إلي أن يأتيه الفرج .. أما ( الثالث ) فقد قام من فوره باستبعاده لأنه مستحيل .. ومستحيل لأنه معلم .. أما (وش معنى ) المعلم بالتحديد ؟ فلأن مثله مثل نصف مليون معلم في طول وعرض الوطن لا يوجد لهم تأميناً صحياً يحفظ لهم ولذويهم الحد الأدنى من التكريم وحق العلاج المثالي أسوة بكل المعلمين في شتى دول العالم ، ولأن الخيار الثالث كذلك فقد سعى للخيار الأول .. لكنه لم يكن يعلم أن جل سكان المناطق الجنوبية الثلاث ( عسير وجازان ونجران ) يسعون بكل طاقاتهم ونفوذهم وواسطاتهم للنيل من ذات الخيار ، وهو الوصول لمستشفى عسير المركزي ، الأمر الذي أعاده جبرياً للمتبقي من تلك الخيارات .. ألا وهو الاستسلام لأدوية التسكين المؤقتة وعين فؤاده ترتجي الله تعالى ألا تنال هذه المسكنات من وظائف جسمه الحيوية قبل أن يأذن سبحانه بفرجه ، المؤسف أننا جميعاً نعلم أن صاحبي لو كان ( صاحب معالي ) أو ( صاحب سعادة ) أو ( صاحب فضيلة ) أو حتى مجرد صاحب لأي من تلك المناصب ما تجرأ أحداً ليقول له ( موعدكم بكرة ) .. ناهيكم عن بعد ثلاثة أشهر أو تزيد ، عموماً .. السؤال المطروح الآن .. متى تعي وزارة الصحة أن أحد أهم أسباب تعذر حصول صاحبنا على صورة الرنين المغناطيسي هو الأداء المتكلس للوزارة الذي لم يزل عاجزاً عن ابتكار آليات حديثة تجعل ساكن القرية البعيد حقيقاً بذات الفرص العلاجية لصاحب الجاه والنفوذ وممن يسكنون بيوت الرخام في المدن الكبرى ؟ لن انتظر الجواب من الوزارة .. سأحاول هنا أن أبدو إيجابياً وأطرح حلاً على افتراض أن الوزارة طلبت مني ذلك .
فإذا ما أخذنا المستشفيات الصغيرة الأربعة في محافظات تنومة والنماص وباللسمر وباللحمر نموذجاً لغالب محافظات المملكة من شرقها لغربها لأدركنا أن حلول تكدسات المستشفيات المركزية الكبرى ممكنة وبأيسر الطرق ودونما الحاجة لبناء مستشفيات جديدة ، كل ما في الأمر أن تستفيد الوزارة من قرب هذه المستشفيات من بعضها ، بمعنى أن تقوم بتوزيع كافة مميزات المستشفيات المركزية الضخمة على تلك المستشفيات ( ولا أقصد طبعاً تفكيكها أو تحجيم إمكاناتها وقدراتها العلاجية ..) ، إنما تبقى تلك المستشفيات الضخمة على ما هي عليه .. ويتم تأهيل المستشفيات العامة لتكون قريبة منها .. صحيح أنه من المستحيل أن يكون المستشفى العام بذات مواصفات وإمكانات المستشفى المركزي ، لكن من اليسير أن نضع فيه بعض مزايا المستشفى المركزي ، والبعض الآخر من المزايا في المستشفى القريب الآخر .. وهكذا ، وبالتالي يصبح للوزارة في مقابل المستشفى المركزي الواحد أربعة أو ثلاثة مستشفيات عامة تتكامل خدمياً وعلاجياً فيما بينها وكأنها مستشفى واحد من مثل مستشفى عسير المركزي .. الفرق أن هذه المستشفيات المتكاملة فيما بينها تقدم خدماتها للمواطن الغلبان من دون عبارة لا يوجد سرير .. ومن دون عبارة شوف لك واسطة .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *