عصر صاحبة الجلالة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مشعل الحارثي[/COLOR][/ALIGN]
وصفوها بأنها السلطة الرابعة وأعلوا من قدرها ومكانتها البالغة التأثير فنعتوها بصاحبة الجلالة.. ولدت مع السياسة وشبت وترعرعت واشتد عودها لتتغلغل في كافة مناحي الحياة وشؤون الأحياء.. إنها الصحافة غذاء العقل والفكر وصوت المجتمع والأمة وضميرها الحي ومرآتها الصادقة التي أصبحت في القرن الأخير جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للناس صاحبة الكلمة المؤثرة والقوة الجبارة التي ترفع وتخفض والتي قال عنها الفيلسوف الروسي تولستوي (تهز عروش القياصرة.. وتدك معالم الظالمين) وانسحاباً على هذه المقولة فلن ينسى العالم من ذاكرته تلك المعركة الشهيرة التي كسبتها الصحافة ممثلة في جريدة الواشنطن بوست وكانت نتيجتها أن عصفت بكرسي الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون فيما عرف بفضيحة ووترغيت وغيرها الكثير والكثير.
لقد لعبت الصحافة وبأشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية ولازالت دوراً بارزاً في ثورة عالم الاتصالات الحديثة وحولت العالم الواسع إلى قرية صغيرة بعد أن تخطت الحواجز بين شعوبه وقاراته الست، ولذلك فهي تعيش اليوم أبهى عصورها بعد ما حظيت به ونالها من تطور وتحديث لأساليبها ووسائلها وإخراجها وتقنياتها المختلفة.
وفي الوقت الذي بدأ الكثيرون يتخوفون على مستقبل الصحافة المطبوعة ويشيرون إلى أنها في طريقها إلى الزوال لتحل محلها الصحافة الالكترونية خاصة بعد انتشار ذلك الكم الهائل وغير المتأصل من المواقع العنكبوتية والقنوات الفضائية والتي تمثل مرايا تعكس العديد من الاعتبارات الطائفية والعشائرية والتجارية والفضائحية في جوانبها الأخرى إلا أن خبراء الإعلام يؤكدون على ان الصحافة الورقية وجدت لتبقى وأنها ليست آخذة في الزوال والتناقص بسرعة كبيرة حتى التوقف التام وإلا لما استمرت صحيفة الواشنطن بوست بعد أكثر من مائة عام من عمرها متجددة ومتألقة في أداء رسالتها حتى الآن وهذا لا يعني أن تقف الصحافة التقليدية مكتوفة الأيدي أمام هذا الضيف الدخيل وهذا الطوفان الجديد الذي التهم جزءاً من مكاسبها بل إن عليها إعادة حساباتها والنظر في أساليبها ووضع الخطط الكفيلة بتأكيد وجودها وتحقيق تطلعات ورغبات قرائها ومتابعيها والنظر بجدية في طرق الدمج مع الصحف الأخرى المتعثرة لتشكل مجموعة قوية قادرة على الصمود والمنافسة والاهتمام بتأهيل كوادرها لمواءمة هذه النقلات الجديدة في وسائل الاتصال والمعلومات وأصول وفنون العمل الصحفي.
وتحية تقدير ووفاء للزملاء من رجال الصحافة والإعلام الملتزمين بنواميس وأخلاقيات المهنة والمنافحين عن قضايا العدل والحرية والإصلاح.
وهذا علمي والسلام.
التصنيف: