[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] رفقي عبدالكريم طيب[/COLOR][/ALIGN]

فقيد الوطن الذي واريناه الثرى المقدس في مقبرة \” المعلاه \” فجر أمس ..بعيون باكية ونفوس واجفة وقلوب تنزف حسرة ومرارة وحزنا على رجل فذ ..وهب حياته بلسما لآلاف العيون العليلة والكليلة والمهددة بالعمى والقتامة والإظلام ..وأدخل بهجة الدنيا بنعمة الإبصار لها بما وفقه الله من علم سخره لخدمة مرضاه ..وجعل من مستشفى العيون في جدة ..مركزا يضاهي ارقى المراكز المتخصصة لطب العيون في العالم .
ظل الراحل الكريم – تغمده الله بالرحمة والرضوان وجعل الجنة مستقره ومثواه – شعلة من العطاء اللامحدود، ومثلا كريما يحتذى في الجد والإخلاص وأمانة العمل واتقانه وأنموذجا مضيئا في التفوق والنجاح مع نقاء السريرة وطيب المعشر وبشاشة الوجه، والتواضع الجم، والتفاني، في خدمة الضعفاء والمساكين من مرضى العيون الذين تقاطروا من تخوم الصحاري والبوادي والأماكن النائية طلبا للعلاج بمستشفى العيون في جدة .
وظل الراحل الكريم – الذي عاد الى مسقط رأسه محمولا على الأعناق – طوال حياته يتابع احدث المستجدات في طب العيون ويسعى حثيثا لتأمينها للمستشفى الذي داوم فيه اكثر من دوامه في بيته، وسخر علاقاته الشخصية وصلاته الوثيقة بكبار رجال المال والأعمال ومحبي الخير والإحسان لرفد المستشفى بأحدث الاجهزة والمعدات الطبية بملايين الريالات .والتي لو انتظر تأمينها عبر الروتين الاداري لاستغرق ذلك سنوات وسنوات .
وظل الراحل الكريم – الذي ارتحل من دار الفناء الى دار البقاء – طيلة عمله بمستشفى العيون وحتى اخر يوم تقاعد بعده – قريبا من قلوب مرضاه وقريبا اكثر من فقرائهم وذوي الحاجات منهم بتأمين مالا يتوفر المستشفى الحكومي على توفيره، ومالا تتيح الانظمة تقديمه مجانا كالعدسات واطارات النظارات وبعض الأدوية غير المتاحة في صيدلية المستشفى فضلاعن تقديم المال لتأمين المواصلات المريحة للمرضى غير القادرين في فترات الذهاب والإياب للمستشفى لضرورات المراجعة والمتابعة .
كان بمقدوره ان يكون من اصحاب الثروات لو اراد بأن يفتتح لحسابه مستشفى خاصا لطب العيون ..لكنه لم يفعل .
كان بإمكانه ان يؤدي واجبه الوظيفي وعينه على ساعة الانصراف لانتهاء الدوام ..لكنه لم يفعل .
عاش قنوعا …نظيف اليد ..طاهر الروح والجسد ..نقي السريرة ..وغادر الدنيا صفحة بيضاء تضىء لمن بعده من ابناء وأهل وأصدقاء دروب الحياة الإنسانية الحقة .
وبحبر الدم والدمع اكتب : عصام قدس ..لم يمت .
رحمه الله ..وأكرم مثواه ..وأنزله منازل الصديقين والشهداء .
\” إنا لله وإنا إليه راجعون \” .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *