ضحايا ومذنبين فى الزواج

نيفين عباس

الزواج من النعم التى أنعم الله على البشر بها والعلاقة الزوجية علاقة جميلة ومتميزة إن كان بها توافق بين الطرفين ولكن إن لم يتوفر هذا التوافق سنجد هناك الكثير من الضحايا فى الزواج والكثير من المذنبين

من أبرز ضحايا ومذنبين الزواج هن القاصرات فالطفلة التى لم تتعدى عامها العاشر تتلخص كل نظرتها للحياة فى العروس اللعبة التى بين يديها الصغيرتين ولكن بدون سابق إنذار تجد نفسها هى العروس وتُزف إلى رجل يكبرها بعشرات السنوات مما ينتج عن هذه الزيجة الغير متكافئة أضرار جسيمة للفتاة الصغيرة ومن بين أشد هذه الأعراض هى الأعراض النفسية التى تواجهها الفتاة ثم يأتى خلفها الظلم الإجتماعى الذى تتعرض له الفتاة منذ الصغر فهى تُحرم من حقها فى التعليم وحقها فى الحياة وحقها فى الإختيار وتجد نفسها فى سن مبكر للغاية أم بصعوبة بالغة بعد ولادة قيصرية لإنقاذ حياتها وحياة صغيرها وهى الحل الوحيد أمام الأطباء لأنهم أمام طفلة لم تكتمل أنوثتها بعد مما يعرضها للكثير من عمليات الإجهاض التى قد تفقدها حياتها بسببها وبعد رحلة العذاب هذه تجد الطفلة الأم نفسها امام مسؤولية وهى تربية طفل فى الوقت الذى لم تعرف به ما هى حتى أسس التربية السليمة !! وفوق كل هذا تكون أيضاً ضحية الأهل الذين إقترفوا فى حقها ذنب لن تغفره الفتاة لهم ما حييّت فهم لم يعطونها الفرصة حتى تعيش طفولتها ولا شبابها ولا أنوثتها لم تجرب مشاعر الحب أو الإختيار أو النجاح لأنها منذ الصغر إقترنت برجل مذنب قرر أن يذبح طفولة طفلة لمجرد أن يتزوج منها ويستعيد شبابه ووجدنا هذه الظاهرة منتشرة بكثرة فى العديد من الدول العربية وقد يصل الأمر فى بعض الدول “بالمتاجرة” بالفتاة فعندما يقوم بتطليقها الرجل تتزوج مرة أخرى ثم تتطلق وتتزوج مرات أخرى حتى تصبح أداة فقط لجمع المال وهنا يجب أن تحاكم الإنسانية هؤلاء قبل القانون

ومن القاصرات إلى ضحايا الزواج العرفى وقد يختلف معى الكثيرين هنا فالطرفين يدركون جيداً لحجم الفداحة التى يرتكبونها ولكنى لا أتحدث عن الرجل والمرأة لأن الإثنين فى نظرى مذنبين ولكن حديثى عن الضحايا من هذه الزيجة وهم الأطفال فالأطفال من ضحايا الزواج العرفى ما أكثرهم فعندما يوقع الرجل الفتاة فى فخ الزواج العرفى وإغراقها بالوعود الكاذبة تسلم الفتاة نفسها بسهولة إلى رجل مخادع يتلاعب بمشاعرها وكرامتها ويسلبها مستقبلها تبدأ رحلة البحث فى إثبات نسب الطفل له فأول ما يفعله الرجل عندما يقع عليه خبر حمل الفتاة نتيجة هذه الزيجة العرفية أول ما يقوم بعمله هو التنصل من المسؤولية وعدم الإعتراف بنسب الطفل لتدخل المرأة فى رحلة داخل أروقة المحاكم بحثاً عن حكم يثبت نسب طفلها لأبيه المخادع وفى النهاية بعد رحلة من العذاب والفضائح يتم إثبات نسب الطفل ولكن بعدما تكون وصلت المشاكل إلى أقصى الحدود بين الطرفين ويدفع الثمن غالياً الأطفال طوال حياتهم فهم يعيشون بالمجتمع منبوذين وكأن لهم إختيار فى هذا الذنب والعار الذى يلحق بهم طوال حياتهم بل ويواجهون مستقبل مظلم ومصير مجهول

ومن بين الضحايا أيضاً الأطفال الذين يقعون بين أب يضرب بالأخلاق والقيم عرض الحائط أو أم مستهترة وينتهى بهم المطاف إما داخل جدران السجون أو يفترشون الطرقات حاملين لقب أطفال الشوارع فجرائم الأخلاق والجرائم الإجتماعية التى تقع ينتج عنها أطفال الشوارع فإنفصال الزوجين أو المشاكل الدائمة بينهم تخلق جو من التوتر للأطفال فيقرر الطفل الهرب من جحيم المنزل للبحث عن الهدوء فى الشوارع لكنه يخرج لمصير مجهول لا يعرف ما الذى سيواجهه فهو قرر إنهاء معاناته التى يعيشها يومياً إما بسبب ضرب أبيه لأمه المستمر أو إنفصال والديه وتزوج كل طرف من أحد أخر ليبدأ الطفل أو الطفلة فى رحلة تعب بين زوج أم يتحرش بالفتاة ويضايقها فتقرر الهرب أو زوجة أب تعذب الطفل يومياً وكأنه كتب عليه الشقاء فى ذنب لم يقترفه ولم يشارك فيه لينتهى به المطاف إلى أن يصبح “بلطجى” بالشوارع يضرب بالقوانين عرض الحائظ وكأنه يحاول إرسال رسالة غاضبة للعالم فهو لم يختار أن يصل إلى هذه المرحلة من البؤس

ثم يأتى زواج المصالح القائم على مذنب طامع فى ثروة ضعيفة أو رجل يمتلك المال فيقرر الرجل المذنب أو المرأة المذنبة التضحية بكل القيم والمبادئ للوصول لهذه الزيجة التى ستحقق الأحلام سريعاً ويعيشون برفاهية لطالما حلموا بها فالفتاة تقرر التضحية بشبابها وجمالها فى سبيل الزواج من رجل طاعن فى السن طمعاً فى أمواله والرجل يقرر نصب شباكه على إمرأة وحيدة لا تجد من يرشدها عن الصواب أو الخطأ فيبدأ الرجل أو الفتاة فى السعى جاهدين للوصول لهذه الزيجة التى يغلفها الحب ولكنه فى الحقيقة حب المصلحة وهنا تقع المرأة ضحية لأنها كانت وسيلة إما لكسب جنسية دولة ما أو طمعاً فى أموالها وممتلكاتها وفى النهاية تحمل لقب طالق أو رجل فى أرذل العمر ولكنه بالنسبة إلى فتاة ما عبارة عن خزنة متنقلة وهنا قد يختلف معى البعض لأن الرجل تزوج بمحض إرادته ولكنى أراه ضحية فالذنب يقع على من تلاعبت بمشاعره وقررت إيصال الإحساس الذى يبحث عنه فى هذا الوقت بإسم الحب حتى تصل لمبتغاها وهنا نجد أنفسنا أمام إمرأة بلا ضمير يحاسبها أو يردعها عن هذه التصرفات

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *