[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] مشعل عيضة الحارثي[/COLOR][/ALIGN]

الموت حق وليس لبشر إزاء وقوع هذا الأمر الجلل والنهاية المحتومة لمسيرة العمل المحدودة إلا الرضا والتسليم بحكم القضاء والقدر مهما اختلفت وتعددت مسببات وصور النهاية \”كل نفس ذائقة الموت\”.
لقد أفزعني وقع ذلك الخبر بوفاة \”إباء\” ابن وجيهنا المعروف الشيخ عبدالمقصود خوجة ذلك الفتى الممتلئ حيوية وشباباً .. دمث الأخلاق والصفات.. الذي لم نعهد منه طوال معرفتنا به سوى كريم الخصال والأفعال.. ولعل أشد ما أقلقني هو خوفي الشديد على والد الفقيد ووالدنا جميعاً الشيخ الجليل صاحب الأدباء وصديق المثقفين مما يعانيه من آلام وأمراض لازمته في الفترة الأخيرة والتي لم تمنعه من التواصل مع أصدقائه وأحبابه وإصراره على إقامة اثنينيته الشهيرة في مواعيدها المحددة وطوال 27 عاماً من عمرها المديد وعمر صاحبها بإذن الله.
أقول لنفسي في الخلاء ألومها
لك الويل ما هذا التجلد والصبر
ألم تعلمي أن لست ما عشت لاقياً
أخي إذ أتى من دون أوصاله القبر
وكنت أرى الموت من بين ليلة
فكيف ببين كان ميعاده الحشر
وهون وجدي أنني سوف أغتدي
على إثره يوماً وان نفس العمر
حقّاً .. حقّاً .. انه الموت مصير كل حي مهما طال به العمر أو قصر ولا مناص ولا مهرب من هادم اللذات ومفرق الجماعات إلا بخير الزاد وخير الزاد التقوى والعمل الصالح والذكر الحسن والأثر الطيب بين الناس من قول وفعل، فهو وكما قيل العمر الثاني للإنسان على وجه البسيطة بعد الرحيل، وخير شاهد على الصلاح والنفع لمجتمع الأحياء وللبشرية عموماً.
إنني أيها الوجيه المفضال أشاطرك الحزن والعزاء وقد كنت دوماً ومازلت وفيّاً مع أصدقائك الأحياء وأولئك ممن ادركتهم المنية فكنت سباقاً لمواساتهم وتأبينهم سواء حضوريّاً أو من خلال الصحف والمجلات بل وكنت تحث الجميع للمسارعة في تأبين أصدقائك من الأدباء والمفكرين الراحلين إلى دار الفناء وشرعت لهم باباً في اثنينيتك العامرة للتواصل وذكر أفضالهم ومحاسنهم والترحم عليهم وهي لفتة إنسانية كريمة مسجلة في سجلكم الناصع بالرفعة والعطاء بكل معانيه.
فرفقاً رفقاً بنفسك أبا \”إباء\” .. رفقاً بأحبابك.. وأصحابك.. وأصدقائك الذين التفوا من حولك يواسونك ويشاطرونك الحزن والألم في مصابك.. الذي هو مصابهم أيضاً، وكلي ثقة ويقين تام بأنك رجل جسور صبور على لواعج الألم ومرارة البلوى وانك ستتجاوز آثار هذه الفاجعة الأليمة بعزيمتك المعهودة لتعود لنا كما عهدناك بروحك المرحة ومداعباتك الجميلة ولتتوج من جديد إثنينيتك العامرة بوجودك البهي وأنت تقتعد منها مقعدك المعتاد اعتزازا ووفاء بضيوفك واكراماً وتقديراً لمحبيك ورواد صالونك الأدبي الشهير.. ولله أولاً وأخيراً ما أعطى وما أخذ .. تغمد الله فقيدكم الغالي وغفر له ولكم ولنا ولأمة الإسلام والمسلمين أجمعين.. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا \”وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون\”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *