[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بدر التيهاني[/COLOR][/ALIGN]

بكاء أمهات وقهر آباء ونواح أخوات وحزن مجتمع .. يخيم على جدة العروس .الحزن بأن حرقت بناتها في عمر الزهور . وهي كارثة لا يشعر بها إلا من اكتوى بلظاها.
حريق جدة أو بالأحرى احتراق فتيات في مسرح علم وتسبيح وتفكير، كيف نصف ما مرت به جدة يوم الأمس من أسى وحزن شديدين وكأن كل من توفاها الله هي أخت لأحدنا أو بنت من أصلابنا كل هذا من هول الموقف، ومما رأيت فاضت العيون بالدموع واللسان يلهج بالدعاء لهم بالرحمة.
الذي يجعلك تقف متأسفا هو وقوف معلمة على شرفات الموت من اجل أن تنقذ حياة طالباتها وكأنها بذلك تقوم بما يقوم به الرجال، لقد أثبتت بأنها تبيع حياتها في سبيل إنقاذ فتيات ليس لهن حيلة سوى الصراخ والبكاء في انتظار والدها أو والدتها لينقذاها من هذا الجحيم وغيرها يتكئ على مكتبه ليجمع حصيلة حشر هؤلاء الطالبات في مدرسته من اجل حساب إيراد تدريسهن، فرق كبير في الهدف والنبل والمقابل أن تأخذ هذه المعلمة في نهاية الشهر ألفي ريال فقط.
انه لمشهد حزين فهناك من ترتمي من نوافذ المبنى وهناك من تحاول أن تنقذ طالباتها وصديقاتها وهناك في الطرف الآخر من يجمع المال ، لقد أحزنني منظر تلك العباءات المحترقة وتلك الكتب التي تحكي نهاية يوم بدأ بإخلاص وتفانٍ وانتهى بكارثة، كيف لصاحب هذه المنشأة أن تنام عينه وهو قد حرم أسرة من تلك المعلمة التي تصرف عليها كيف له أن يعيش وهو سبب في إصابة العشرات من الفتيات وهن في مقتبل العمر من سيعوض هذه الأسر عن وفاة بناتهم من سيعوضهم عن نفسيات أصبحت متفائلة وأمست مصابة بهلع الكارثة من سيعوضهم عن حروقهن وإصاباتهن إن أموال الدنيا لن تعيد متوفاة ولن تنفخ الروح من جديد.
وقفت كما وقف المجتمع السعودي بجميع أطيافه ومستخدمي جميع التقنيات الحديثة للتواصل بدءا بالتويتر وانتهاءً بالبلاك بيري جل حديثه دعوات لشهداء العلم بالرحمة والغفران وأخرى دعوات تنصب على كاهل المتسبب الذي رأى بأن حياة البشر لا تعدو كونها مشاهدة أموال تجمع .
إن كان هناك متسبب فعلى وزارة التربية ممثلة في إدارة التعليم الأهلي والأجنبي أن تقف على ارض الواقع وان تصدر قرارات تفي بضمان الأمن والسلامة للأرواح وليس فقط احمل هذه الإدارة المسؤولية بل الوزارة بأكملها عليها أن تعيد صياغة قراراتها وترتيب أوراقها للحفاظ على سلامة خمسة ملايين طالب وطالبة ونصف مليون معلم ومعلمة يقضون ثماني ساعات يوميا علما بأنه في ثماني ساعات تزول دول من جراء حريق فكيف لبشر لا يعدو تحملهم سوى رئتين صغيرتين لا تحتمل أن تتنفس حتى يصل المسئول إلى القرار الصحيح. ارفع القبعة احتراما وتقديرا إلى أمير الإنسانية سمو سيدي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة على وقوفه على ارض الواقع ومشاهدة الكارثة بعين المسئول والمواطن والمصاب وأتمنى أن تتم محاسبة المقصر ولا ننكر بأننا راضين بقضاء الله وقدره. رحمكن الله يازهور وطني وأسكنكن فسيح جناته.
أكاديمي وكاتب صحفي
@BTIHANI

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *