[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رفعة بنت محمد الغامدي [/COLOR][/ALIGN]

يتفاوت الناس في تقدير ذواتهم ويختلفون في اختيار القيم التي يستمدون منها شرارة الوقود لانطلاقهم في الحياة .وإذا كان البعض يؤسس هرمه الأخلاقي على قيم الفضيلة والنزاهة ؛ فإن آخرين يرون في الرذائل وسوء الأخلاق ما يمدهم بالقوة والسلطة والوصول السريع لمبتغاهم تحت شعار ( ما يجون إلا بالعين الحمراء ) .
ولكن أن يفقد المرء أي قيمة لذاته وكل ثقة بنفسه , فإن هذه من أكبر الخسائر البشرية لأن فيها ما ينبئ بعالم إنساني أجوف, فارغ من مكونات الشخصية الروحية والعبادية والخلقية, لذلك قام فارغو القلوب والعقول بملئها بحب المقتنيات المادية والتعلق بالمظاهر , ومن المؤسف أنها نظرة أصبحت سائدة في مجتمعنا البسيط ( سابقا ) فقيمتك بقيمة ساعتك وحقيبتك وحذائك !
صارت حياتنا في حسابات البعض مرهونة بحرفين أو أكثر تصاغ من معدن لامع وتعلق على الحقائب , تشد الأنفاس وتحدق بها العيون متفحصة تختبر مهارتها في التمييز بين الأصلي والتقليد .
كنا قديما نقيم الناس بأخلاقهم ومواقفهم وقالت العرب ( مقتل الرجل بين فكيه ) وكأن في منطقه ما يرفعه بين الناس وفيه أيضا ما يكون سببا في هلاكه . وعندما تريد التعرف أكثر على شخص ما فإن السفر معه كان المحك المناسب لهذه المهمة . والآن يسأل الناس عندما يتقدم إلى ابنتهم من يريد الزواج بها : ماذا يملك ؟!وتنصت المجالس للمتحدث الذي يتشدق بما يملك وهو يلوح بيده لتظهر الساعة الثمينة , ويقف موظف الاستقبال في أي مكان لصاحبة الحقيبة الفاخرة , أو من يترجل من سيارة فارهة !ولأن معيار التعامل بين الناس أصبح ماديا قال الحكماء الماديون ( كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس ).
صحيح أن مظهر الشخص لا يقل أهمية عن ثقافته وعلمه وخبرته , بل أنه قد يكون وسيلة العبور إلى قلوب الآخرين ومطية سريعة إلى إقناعهم والتأثير فيهم , ولكن أن يكون التلميع الخارجي هو الشغل الشاغل لصاحبه بينما يخفي تحت ذلك الجهل والتعصب والعنصرية والأفكار الهدامة , ومع ذلك فقد يلقى من الآخرين الحفاوة والاحترام , بل قد يكون صاحب كلمة نافذة في مجتمعه ؛ فان الخسارة الحقيقية تقع هنا. والخطورة تحيق بأجيالنا الواعدة التي تقلد الكبار فيما يفعلون , والأدهى أنهم غير مسلحين بالتجارب الكافية التي تصنع حولهم درعا صفيقا من الحماية , فإذا سعت الفتيات الى امتلاك الشكليات بأية وسيلة شريفة أو ملتوية لمجرد رغبتها في المباهاة بما تملكه أمام صديقاتها في الجامعة أو المدرسة ؛ وإذا أصبحت بعد ذلك رهينة لابتزاز ما فإن ناقوس الخطر يدق أجراسه .
دعونا نقف قليلاً ونحاول أن نجد حلاً لوقف هذا التسونامي المادي الذي جرف معه كل ما نملك من قيم روحيه ودينيه واجتماعية رائعة .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *