[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] عبد الرحمن المطيري[/COLOR][/ALIGN]

هُم أولئك الذين قضينا بصحبتهم طفولتنا القصيرة , من ارتدنا و إياهم ذات المدرسة يوماً وصدحت حناجرهم عالياً بالنشيد السعودي في الطابور الصباحي , من شاركونا طعامهم القليل وأدخلونا بيوتهم الصغيرة المستأجرة , من سابقونا إلى المساجد , من خرجوا فرحين للشوارع بصحبة آبائهم حاملين الأعلام الخضراء احتفالاً باليوم الوطني السعودي , أولى صرخاتهم حينما ولدوا كانت بين جدران مستشفى سعودي وبقية خطواتهم رافقتنا حتى المرحلة الثانوية ليرغم بعدها بعضهم على الرحيل لاستكمال دراسته الجامعية في بلده الذي لا يعرف منه إلا اسمه بعد أن رفضته جامعاتنا السعودية بذريعة أنه « أجنبي « , يرتدي جلهم الثوب التقليدي ويعتبر بعضهم الكبسة وجبته المفضلة ! هم سعوديو اللسان و المولد و الانتماء أيضاً لكن ذلك بدون أوارق ثبوتية , بالقرب هم منا على الدوام في أتراحنا قبل أفراحنا فكيف سمحنا لأنفسنا أن نندههم بمفردة تخلق المسافة كأجنبي ؟ ألا يكفي أننا نقوم بتشريد تلك العوائل العربية على وجه الخصوص حينما ترفض جامعاتنا قبول أبنائهم و بناتهم للدراسة ؟ وليس هناك ثمة تبرير تكون فيه نجاتنا من فعلتنا تلك حتى ولو أمضينا يوماً بأكمله في البحث عنه , لا يمكن للذاكرة أن تُسقط ما تحمله من ذكريات مليئة بالمشاركة الحميمية والعلاقة الصادقة المبنية على الثقة إلأ حال أراد صاحب الذاكرة ذلك و إن فعل مأسوفاً عليه فإنه حتماً لم يشعر يوماً بداخله بخصلة الوفاء , يذكر التاريخ للمقيمين أفضالهم الكثيرة على دول العالم في دفع عجلة نموها و ازدهارها والأخذ بها إلى مصاف الدول المتقدمة ولنا في أمريكا بريطانيا و فرنسا و الإمارات أمثلة معاصرة كان النجاح حليفها , فكيف بمن ولدوا و عاشوا وما زالوا يسكنون هذا الوطن الذين يحملون الشهادات و الخبرات التي لو تم استثمارها بالشكل الأمثل لاختصرت من السنوات التي نحتاجها كسعوديين حتى نخرج من حفرة العالم الثالث ؟ وحتى لا يقع القارئ في الفخ فلا توجد علاقة متصلة بين ما يتم تخريجه من طلاب و شبح البطالة التي نعاني منها منذ أعوام , فالعلة ليست هنا بل تكمن في من يقف خلف خلق الفرص الوظيفية ويعلم حاجة البلد الفعلية من الوظائف الشاغرة لمدة تتراوح مابين 5 و 10 أعوام مستقبلية وهنا أتحدث عن تلك الوظائف التي ترتبط بالحكومة فقط ناهيك عن القطاع الخاص المتخم بالفرص والذي يعتبر شريكاً يعتد به في تنمية الوطن , أن يمنح هؤلاء الفرصة والأمان للمشاركة في خدمة هذا البلد الذي يحملون تجاهه من الولاء الشيء الكثير فسوف تكون نتيجة ذلك رائعة , بدلاً من أن نضع مستقبلهم ومستقبل أولادهم بعد كل هذه السنوات على كف عفريت بأن يكونوا تحت رحمة مزاج الكفيل !

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *