[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رؤى صبري [/COLOR][/ALIGN]

دائما ما يحمل لنا ذكر السبورة في طيته ذكريات المدرسة بسبورتها الطبشورية التى كادت أن تكون بيضاء, أو سبورة الأقلام التى تلتها والتي ظلت تحتفظ ببقايا آثار الأقلام من كثرة الاستخدام إلى درجة تجعل الكتابة عليها صعبة ,لكن أخيرا جاء الوقت الذي جعل التكنولوجيا تمن علينا فيه بسبورة لا تحتفظ بآثار مهما كتب عليها وفي الوقت ذاته تظل بيضاء صافية كأن لم يلمسها بشر,وكلما نظرت للسبورة الإلكترونية(smart board) تمنيت لو كانت نفوس البشر مثلها أو حتى قريبة منها فبرغم أن كل الأديان السماوية وبالذات الدين الإسلامي دعت للغفران والتسامح نجد أن كثيرا من البشر يعيشون في سجون الحقد والغضب لسنين طويلة ناسين أن قدرتنا على الغفران والتسامح توازي أهمية العبادات التى تقدم للخالق,لأننا ولدنا إخوة ومن المفترض أن يكون الإخوة متحابين.
ومع الأسف كثيرا ما نجد أن الواقع يعكس سبورة مليئة بالخطوط القديمة والخربشة والألوان البشعة, فما أن يقدم الشخص على خطأ واحد حتى يجد دفترا كبيرا مليئا بكل خطأ وبكل هفوة وبكل زلة لسان وبكل جريمة ارتكبناها أو فكرنا فيها وحين نواجه كل هذا نجد أنفسنا مبهورين بقوة الذاكرة التى نواجهها, وكل ما نطالب به هو بعض النسيان لا أكثر, حتى أننا لا نجرؤ بأن نطالب بالغفران من هول الغضب والسخط الذي قد نواجهه, والغريب أنه من المفترض أن يكون فضيلة ذاتية خاصة إذا لم يتكرر الجرم مرات عديدة, صحيح أننا نواجه مواقف لا نستطيع أن نتجاوزها سريعا وكثيرا ما نفكر أننا لن نغفرها لكن بمجرد أن تأخذ وقتها اللازم نجد في غفرانها طهارة لأنفسنا قبل أن يكون سماحاً للآخر.
ولو غصنا عميقا في تجاويف أنفسنا نلاقي أننا لم نتدرب على مهارة الغفران ولم نر آخرين يشجعوننا عليه فكثيرا ما نسمع دعوات الانتقام والغضب حتى لو كانت المشكلة بسيطة أو تافهة بل الأسوأ أن أغلبية الناس تتمنى أن تمتع ناظريها برؤية النكبة النازلة على الشخص المرجو بالرغم من أن الله هو المنتقم كما سمى نفسه فلماذا لا ندع الانتقام للرب يحكم فيه كما يجب والأهم من هذا هل نتمنى أن نحصل على الغفران حين ننتهك حقوق الآخرين أم أننا مجرد ضحايا في نظر أنفسنا؟! وأخيرا قد يتهمني البعض بالمبالغة في مطالبة الغفران لكن الحقيقة أن حلاوة الغفران كحلاوة الماء العذب والأجمل من ذلك أننا حين ننظر لأعماق أنفسنا نجد سبورة نظيفة بدون علامات تشوه نضارتها.

كاتبة سعودية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *