[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

\”الحلقة الأخيرة\”
وتعود رشا في المساء لنتابع الدردشة، وتسأل عن زيارتي لهيروشيما وللمجمع التعليمي جوغاكوين، وَلِمَ هيروشيما وقد زرتها مرات عديدة؟ ولم هذا المجمع التعليمي وليس غيره؟ .. أجبتها بأنني سُئِلْتُ ذات السؤال ساعة وصولي هيروشيما، وكانت إجابتي التي أرددها على الدوام وهي أنه بفضل من بقي من أهالي مدينتهم هيروشيما على قيد الحياة بعد القصف النووي، وإعادتهم بناء مدينتهم من جديد وبأجمل مما كانت عليه ، بُنِيَتْ اليابان من جديد، وبسلاح العلم والمعرفة لا بسلاح القتل والدمار، وهذا ما حبب لي زيارة هيروشيما ومجمعهم التعليمي للمرة الخامسة لأنه الرائد في تمازج الحضارات، فقد فتح أبوابه في هيروشيما قبل ما يزيد عن مائة عام من قبل ياباني هاجر إلى أمريكا وعاد إلى مسقط رأسه هيروشيما وبرفقته زوجته الأمريكية، فكان هذا المجمع الذي يتدرج التعليم فيه من أولى مراحل الدراسة ولغاية المرحلة الجامعية ، وقصرت التعليم في المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعية على الإناث، وكأنها تتفق مع قول الشاعر العربي :
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
وكانت اللغة الإنجليزية هي لغة التدريس إلى جانب اللغة اليابانية ، وأنا في زياراتي السابقة للمجمع التعليمي كنت أتحدث إلى هيئة التدريس وإلى الطلبة عن حضارتنا ولغتنا الجميلة ، وعن وشائج القربى بين أمتينا لانتمائنا إلى البيت الآسيوي، وللجسم الآسيوي يَدٌ في الشرق هي اليابان، ويَدٌ أخرى في الغرب هي بلدي المملكة العربية السعودية، وأن التقاء اليد اليمنى باليد اليسرى يعطي شعوب القارة الآسيوية قوة ومنعة، منوها بأن اليابان هي الشريك التجاري الثاني للمملكة بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا ما استبعدنا من الميزان التجاري صفقات الأسلحة التي نتلقاها من الولايات المتحدة الأمريكية فإن اليابان هي شريكنا التجاري الأول، واعتماد اليابان على ما أكرمنا الله به من مصادر للطاقة غني عن التعريف.وطرحت إدخال اللغة العربية إلى مجمعهم كلغة ثالثة ومن أولى مراحل التعليم، إذ ليس صحيحاً أن تكون لغة شريكهم الأمريكي منتشرة بين شباب اليابان وتكون لغة شريكهم العربي في أضيق الحدود.وقد أعدت طرح الفكرة هذه المرة، منوهاً بأن لديهم في طوكيو الأخ السفير الدكتور عبد العزيز تركستاني ، والملحق الثقافي الابن الشاب الدكتور عصام مرزا بخاري، وكلاهما من خريجي الجامعات اليابانية ويشاركاني هذه الرغبة، وأنهما على استعداد لتوفير المدرس الخبير بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.قدمت لهم الشاب الذي يقف إلى جانبي يترجم ما أقوله بالعربية إلى اليابانية بأنه واحد من بين مئات المبتعثين السعوديين إلى اليابان للتحصيل العلمي. سألتني رشا من يكون ذلك الشاب فأجبتها بأنه الابن ماجد الموسى ويدرس الاقتصاد في جامعة هيروشيما. عرفت رشا أن الصديق سايشو قد رافقني إلى هيروشيما فسألتني عن صحته وهل استعاد نشاطه بعد العملية التي أجريت له في عظم الفخذ، طمأنتها بأن العملية قد تمت بنجاح، وأنه يبدو أكثر شبابا من قبل، وأن الطريف في الأمر أنه كان قد ادخر ما يقارب الأربعة عشر ألف دولار أمريكي لتغطية نفقات العملية، غير أن العملية تمت بالمجان بعد أن توسعت الحكومة الاشتراكية في مجال الرعاية الصحية، فتبرع للجامعة بعشرة آلاف دولار، وبالأربعة آلاف دولار الباقية قام هو وزوجته وابنته برحلة سياحية إلى السويد.
وسألتني عن توقفي في مدينة ناجانو لأربعة وعشرين ساعة، فقلت لها أنه لزيارة صديقي كوباياشي سان الذي أعيرت خدماته من وزارة الخارجية إلى ملاك البوليس ولمدة سنتين، وهي سياسة متبعة لتدريب عدد من السفراء على الإدارة في حالات الكوارث والنكبات، أما ناجانو فهي قطعة من جنة الله على الأرض أتمنى أن يزورها كل أحبتي وأصدقائي فعقبت رشا بالقول : آمين يا رب العالمين.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *