في فترة مضت كانت القرود (السعادين) تهاب الإنسان وتهرب منه بعيدا ، حيث لم نكن نراها إلا في النادر ومن مكان بعيد !

ولأنها من آكلة النباتات فقد كانت تعيش في المناطق التي تتوفر بها الأشجار والنباتات والأحراش لتقتات من أوراقها أو ثمارها وكذلك من الديدان التي تعيش حولها ! وإن حصلت فترة جفاف فإن الجوع يدفعها لأن تصل إلى المزارع البعيدة عن السكان لتأكل ما تجده مع حذرها الشديد ، لمعرفتها بحكم ذكائها بأنها ستنال عقابا قاسيا من أصحاب تلك المزارع ، لذا تجدها تجفل بمجرد قدوم أي إنسان .

لكن ما نراه في الوقت الراهن يدعو للدهشة والاستغراب ، حيث نجدها على حواف الطرق بأعداد كبيرة وعلى مقربة من الناس..فقد اعتادت على مرآهم والتلذذ بما يقدمون لها ، بل تجرأت لأن تعتلي سياراتهم لتنال شيئا من أطعمتهم التي لن تتوفر لها في المواقع البعيدة ،

بعد أن استطعمت أنواع الفواكه والخضار والمكسرات وحتى البسكويتات والحلويات وعلب العصائر مما يلقي بها بعض المارة من نوافذ سياراتهم ، ليتسلوا بحركاتها وتسابقها للاستحواذ على ما يرمى لها ، مما جعلها تتخلى عن مواقعها الأصلية لتأتي في رحلة يومية من أماكنها في الجبال إلى أطراف القرى والمدن القريبة من تلك لجبال . بل تتجاوز ذلك لتصل إلى داخل القرى لتقلب في الحاويات في إطار بحثها مما تستطيب أكله .

ومع كثرتها فإنها باتت تشكل خطورة على صحة السكان الذين يختلطون بها خشية من تقلها لبعض الأمراض غير المعروفة ، خاصة وقد ثبت بأنها أساس نقل أحد أخطر الأمراض على المجتمع البشري بسبب مثل هذا الاختلاط .

والأحوط الابتعاد عنها تماما وعدم إلقاء ما يغريها من المأكولات ، لعلها تبتعد تدريجيا ، وهو ما تدعو إليه الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية التي تحذر دائما من عملية استئناس القرود التي تزايدت بشكل كبير جدا خلال العقود الأخيرة مع زيادة حجمها ووزنها لتوفر الأكل الميسر وقلة الحركة . ولا شك أن أحد أهم الأسباب هو نسبة انقراض النمر العربي الذي تحذر الهيئة كذلك من قتله وانقراضه..الذي يؤدي إلى عدم التوازن البيئي وإحداث الأضرار الأخرى .

ومع هذا الاختلال سوف ندفع ثمنا مضاعفا ما لم تتحرك الجهات ذات الاختصاص بقوة لزيادة التوعية المجتمعية واتخاذ الإجراءات التي تساهم في حماية البيئة وسلامة السكان .‏‫‬

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *