ختموا القرآن فكُرِّموا

• تماضر اليامي

قرأت خبرا عاديّاً ومررت به مرور الكرام وسرعان ما انتقلت لغيره وكأن عيني تبحثان عن أخبار أكثر أهميّة، وقبل أن يطير البعض بالعجّة فتعريفي للأكثر أهميّة هو الخبر الذي يصنع فرقاً ملموساً في حياتنا وليس بعد الممات..!
الخبر مع أنّه كان عاديا بمعنى أنه مكرّر ومألوف واعتدت قراءة مثله بدون أدنى تفكُّر، إلاّ أنّني وجدت أفكاري تستوقفني وتعود بي اليه أجزاء من الثانية بعد أن غادرته عيناي لأتأمل في كلماته وأقرأ ما بين سطوره. تلك عادة مؤرقة نَمَتْ على جلدي مؤخرا ليصبح ما كان مألوفا طوال نشأتي غريبا، وما كان مسلّما به يحتمل كفري به، وكل ما كان موروثاً ولم أكتسبه بعلم أو بحث أو فهم وقناعة متّهم حتى تثبت براءته..!
وحتى لا أطيل عليكم، فالخبر يقول ببساطة أن معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور _صبرا فالآن نصل للاسم_ وليد بن محمد الصمعاني رعى حفلا لتكريم مائة وتلاثة وتسعين _كم كرهت درس تمييز العدد_ خاتِماً وخاتِمة لكتاب الله، لافتاً الى أن أعداد الخاتمين لكتاب الله في ازدياد ولله الحمد والمنّة، وقد أصبحوا 193 بعد أن كانوا أربعين ثم خمسين ثم مائة للسنين الماضية على التوالي.
جرت العادة أن يتم تكريم الموهوبين والفاعلين والمجتهدين والمخترعين أولاً بهدف لحظي يتمثّل في شكرهم على ما قدّموه من عمل يخدم الإنسان والإنسانية، وثانياً كخطّة مستقبليّة لتشجيعهم على الاستمرار وبذل المزيد وتحفيز غيرهم على أن يحذوا حذوهم. لكن حسب فهمي المتواضع يكون ذلك في الأمور الدنيويّة التي تساهم في عمار الوطن خصوصاً والأرض عموماً والنمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي لتحقيق المزيد من هذا النّمو التّقدُّمي. وربّما لأن فهمي متواضع، لم أفهم ما علاقة وزير العدل ورئيس القضاة في موضوع ختم كتاب الله، ولا الهدف من تكريم الخاتِمين. فإن قلنا أنّ الهدف من التّكريم هو التّعبير عن الشُّكر، فعلامَ الشُّكر والعبادة لله ولا يفترض أن يرجوا المخلوق من علاقته بالله جزاءً من مخلوق غيره أو شكورا. وإن افترضنا أن الغاية هي تحفيز الآخرين، فكأنّنا نفترض بأن الخاتِمين من بعد ذلك ختموا فقط طمعاً في التّكريم، خصوصاً وأنّ عملهم لهم وليس لخدمة الناس أو الإنسانية. وإن اكتفينا بكونهم كُرِّموا للتّشجيع، فما العائد للوطن أو الحياة من تكرارهم الختم سنة بعد سنة وحضورهم للتّكريم..؟ ليت التّكريم على العبادات يُترك لمن تكون له العبادات حتى لا يشوبها النّفاق، و يكون تكريم البشر للبشر على أساس أثر طيِّب للختم انعكس على الخاتِم بسلوك مثمر وعمل نافع.. للتأمل.

 

@tamadoralyami
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *