حلاوة أم درمان
سقطت الأم من الدرج.. فحملها الابن إلى السيارة! فوجد عربات المصلين تقفل الحارة! فأخذ ينادي بالصراخ… امي! مستشفى! يا ناس! فانقسم المصلون الى قسمين..الأول قطع صلاته! والآخر لم يحرك عقاله!
ومرت الدقائق كالساعات! لفتح مواقف السيارات! وتحريك الونيتات! وأطلع يمين يا مسلم.. وبوري شمال يا مؤمن! حتى انفتح الطريق! وانطلقوا الى مستشفى العقيق! فوصلوا على عجل! وقلبه يخفق بالوجل! فأخذوها وقالوا انتظر وتوكل على الله! ولا تقطع الأمل!
فخرج اليه الدكتور جميل الأسمراني من غرفة العمليات بعد عدة ساعات.. وتحت ابطه كتاب جامع الدعوات قائلا (سبهان الله يا ابني على الأنوار والأقدار! عليك الله ما تخاف! طلعت روح الوالدة زي الفرفيرة الى البرزخ! تلاقيها الان مع الهور العين تاكل رز مع لبن! خرجت روح (البونية) بسرعة زي صرفة المدارس عندنا في ام درمان! عليك الله تزورنا هناك يا زول).
فرد الفتي في ذهول: أطبيب انت؟ لماذا لا أرى كتب الطب معك؟ وإنما رياض الصالحين ونهج العارفين! فقاطعه د.أسمراني قائلاً (أقدار وأنوار يا كحل العين! فلا تعترض على قضاء الله فتكون من الجاهلين! واني اعيذك (وامك) من همزات الشياطين) فرد الفتي: كيف ُتعيذ الموتى من الشياطين؟ وكيف تظنها مع الهور العين؟؟ فأخذ الطبيب يشرح له شروط المسح على الخفين ومنقصات الوضوء… ويدعو له بالهداية والسرور والعلم الموفور! و إليك السؤال يا قاضي العدول؟ هل دم الأم في رقبة اصحاب السيارات من المصلين الذين سدوا الشارع حتى آخر الحارة؟ أم في رقبة إمام يخطب تسع سنوات عن تقوى الله.. ولم يتكلم قط عن آداب رَكن السيارات بما تستوجبه الاخلاقيات وفقه المعاملات؟ ام هل الذنب في رقبة الطبيب الذي انشغل بكتب الدين.. ولم يقرأ كتاب طب منذ تخرجه أيام النميري في السبعينات؟.
درجة الدكتوراه، الجامعة الأوروبية، الكنفدرالية السويسرية
Twitter @ALBilad123
التصنيف: